اشتهرت الفنون العربية والإسلامية المعمارية والهندسية في القرون الماضية نظراً للفضاء الجمالي الذي تخلقه، إذ تنوعت هذه الفنون لنشاهدها في أغلب القصور والمعالم الأثرية القديمة لتكون دليلاً واضحاً على مدى العبقرية الكبيرة التي حملها الأسلاف، ومن أشهرها هو فن الزليج المغربي الذي أصبح مثالاً يحتذى به في الإبداع والتألق الهندسي، حيث نعرض لكم اليوم في مقالنا جميع التفاصيل المتعلقة بهذا الفن العريق وما يحتويه من سحر خيالي بين تشكيلاته المُبهرة، تابعوا معنا أبرز المعلومات.
نبذة عن فن الزليج المغربي
يعود تاريخ فن الزليج المغربي أو (الزليج الفاسي) إلى الأزمنة القديمة في تاريخ المغرب، حيث شكّل هذا الفن هويّة راسخة أصبحت تمثل الفن المعماري في المغرب، وهو عبارة عن فن هندسي معماري بتشكيلات مُبهرة من الفسيفساء التي تزين الأرضيات والجدران، إلى جانب وجوده في العديد من المساجد والقصور، بالإضافة إلى النوافير والمسابح، إذ يرجع هذا الانتشار الكبير إلى حرفيته العالية في التصنيع والمناظر الفسيفسائية الأخاذة التي يعكسها للناظرين.

ويضم الزليج عدداً من الألوان الزاهية والمشرقة التي تنقل الطاقة الإيجابية والبهجة إلى المكان، علاوةً على الحرفية العالية في تنسيقها ضمن تشكيلات هندسية وزخارف دقيقة تتمازج مع الجمال البيئي المحيط بها، مما يعكس الإبداع الفني للمغاربة في تلك الفترة، وبالانتقال إلى الفترة الحالية، تم إيجاد طرق مختلف تدمج هذا الفن القديم مع أساليب العمارة الحديثة حتى شكلت تحفاً فنية تسلب العقول.
مميزات فن الزليج المغربي
لعل أبرز ما يميز فن الزليج المغربي هو تناسق الألوان المستوحاة من قلب الطبيعة، إذ تُضفي هذه الألوان طابع البيئة المحيطة في التصميم الداخلي للمبنى، سواءً كان لغايات سكنية أو كمرافق عامة، إلى الجانب التصاميم الهندسية المتقنة للغاية التي تجسد فيها آيات التناسق والانسجام، وقد أسهم هذا المزيج بين الألوان والأشكال في خلق فضاء يملؤه البهاء والزهاء.
فن الزليج المغربي في المعمار العربي والإسلامي
تأسس فن الزليج المغربي في القرن العاشر الميلادي خلال فترة الحكم الإسلامي في المغرب، وقد تأثر بعدها في الفنون الأندلسية حتى أصبحنا نرى تداخلات ومزيج استثنائي في تشكيلاته الهندسية، ومن بعدها شهد انتشاراً مهيباً في القصور والمساجد، بالإضافة إلى المنازل الكبيرة واعتُبر رمزاً للفخامة والإتقان، علاوةً على الإقبال الكبير لاستعمال هذا الفن في العمارة العصرية خلال الأيام الحالية.
انتشار فن الزليج المغربي
انتشر الزليج بشكل لم يسبق له مثيل في عهد الدولة المرينية نظراً للثورة الصناعية والفنية التي شهدها المغرب في تلك الفترة، إذ جعلت مدينة فاس هذا الفن رمزاً لهويتها الثقافية بسبب عمالقة الحرفيين، فضلاً عن المدارس التي أُنشئت بغرض تعليم هذه الحرفة البديعة والتي قل ما نجد نظيراً لها، بحيث تم إدراج العديد من الألوان المتنوعة والزاهية لتنير جميع المباني المغربية.
لماذا الزليج غالي الثمن؟

تلعب عدة عوامل دوراً هاماً في ارتفاع أسعار فن الزليج المغربي وانتشاره، إذ جمعنا لكم هذه الأسباب خلف غلاء ثمنه على النحو التالي:
- يُصنّع الزليج يدوياً، مما يُدرج في آلية تشكيله الوسائل التقليدية مثل قطع البلاط الصغيرة وتجميعها معاً.
- يتطلب هذا الفن مهارة عالية و وقتاً طويلاً، إلى جانب قلة الحرفيين المتقنين.
- يتكون الزليج من مواد طبيعية ذات جودة عالية مثل الطين الطبيعي أو السيراميك، إضافةً إلى استخدام أصباغ خاصة لزيادة زهاء الألوان.
- التفاصيل والتصاميم المعقدة التي تخلق عملاً إضافياً عند التصميم والتصنيع.
- يحظى هذا النوع من الفنون المعمارية الهندسية بشعبية كبيرة، حيث يتزايد الطلب عليه يوماً بعد يوم، مما يطيل من عملية إنتاجه في ظل ندرة الورش والحرفيين.
استخدام الزليج في الفضاءات العامة والخاصة
يعتبر فن الزليج المغربي من أكثر الفنون المعمارية استخداماً في المغرب العربي بل وأيضاً في البلدان الأخرى غرباً وشرقاً، إذ تعدد استخداماته بين المساحات الداخلية والمساحات الخارجية، وقد جمعنا لكم بالتفصيل مواقعه الدقيقة فيها كالتالي:
الفضاءات العامة
يتجلى هذا الفن بتجميل الفضاءات العامة بأشكاله الهندسية المتناسقة وألوانه الساحرة، إذ يعتبر بمثابة نجوم متلألأة تنير هذه الأماكن، وقد شعّ نوره في الساحات الخارجية والمساجد والقصور، واكتسب هذه الشهرة الواسعة بسبب إضافته رونقاً معمارياً خاصاً يعكس عظمة الفن الإسلامي وحرفيته العالية.
الفضاءات الخاصة
تألق الزليج في المساحات الخاصة الداخلية باعتباره لوحة فنية تصاحبها البهجة والسرور، إذ تنشر ألوانه البهجة والطاقة الإيجابية في المنازل، وقد وُجد هذا الفن على الأرضيات كـ فسيفساء وموائد الطعام، بالإضافة إلى الأسقف والجدران، علاوةً على جعل هذه المساحات ناطقة بالتراث الحي وإضفاء الدفء والسكينة فيها.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا عن فن الزليج المغربي الذي يعتبر نافذة مطلة على عظمة الفنون الهندسية المعمارية الإسلامية، إلى جانب كونه أحد أكثر الديكورات الداخلية طلباً في الأيام الحالية بسبب سهولة دمجه مع الفنون العصرية، كما نقدم لكم في مدونة بيوت السعودية ثلّة مبهرة من المواضيع المتعلقة بالفنون والتراث مثل المعرض الثقافي الدولي، إضافةً إلى بينالي الفنون الإسلامية في جدة.