منطقة جازان ليست مجرد وجهة ساحلية جميلة أو موطنًا لتاريخ غني، بل أصبحت اليوم مركزًا متسارعًا للنشاط الثقافي والإبداعي. وبين مباني المدينة ورائحة الماضي والحاضر، وُلد بيت الثقافة في جازان ليكون واحدًا من أبرز التجارب الثقافية في المملكة، مشروعًا ينبض بالحياة ويحتضن الموهبة والمعرفة في آن واحد.
لكن كيف تحوّل مبنى مكتبة عامة إلى فضاء ثقافي يلتقي فيه الصغار والكبار؟ وما الذي يجعل هذا المركز تجربة مختلفة تستحق التوقف؟
تنظيم هيئة المكتبات ودورها في تأسيس بيت الثقافة
وراء هذا المشروع رؤية واضحة تقودها هيئة المكتبات التابعة لوزارة الثقافة السعودية، التي أعلنت مبادرة كبرى لتحويل المكتبات من مجرد رفوف كتب إلى منصات للحوار والتفاعل والإبداع.
في هذا السياق جاءت فكرة مبادرة بيوت الثقافة، التي تعمل على توسيع دور المكتبات العامة وتحويلها إلى مراكز مجتمعية متكاملة بحلول عام 2030. بيت الثقافة في جازان هو أحد نماذج هذه التجربة، حيث تبنّى رؤية جديدة لطريقة تقديم الثقافة، ليس بالتلقين أو القراءة فقط، بل بالممارسة والتجربة والانغماس المباشر في الفنون.
مبادرة بيوت الثقافة

المبادرة ليست مجرد تطوير مبانٍ، بل تطوير علاقة المجتمع بالثقافة.
تسعى إلى:
- جعل الثقافة جزءًا من الحياة اليومية
- تعزيز المشاركة المجتمعية في الفنون والتراث
- فتح أبواب المعرفة للجميع، من الأطفال حتى كبار السن
بهذا، لا يبقى المركز مجرد مكان، بل يصبح حلما حيًا يحمل روح رؤية 2030 ويتفاعل مع سكان المنطقة وزوارها.
الهدف من افتتاح بيت الثقافة في جازان
افتتاح المركز جاء ليحقق مجموعة من الأهداف الواضحة، من أهمها:
- تقديم بيئة ثقافية تجمع بين التعليم والترفيه في مكان واحد
- إحياء التراث الجازاني وتعريف الجيل الجديد به بأسلوب حديث وجذاب
- دعم المواهب الشابة وتوفير مساحة للعرض والتجربة والتطوير
بيت الثقافة بذلك يجسد المعادلة الصعبة: الجمع بين الأصالة والحداثة دون أن يفقد روحه المحلية.
فعاليات بيت الثقافة في جازان
في الشهور الماضية، تحوّل بيت الثقافة إلى منصة مفعمة بالحياة. ضم المركز عشرين ركنًا تفاعليًا تنوعت فيها المواهب والأنشطة، من بينها:
فعالية من تراثنا نحكي
أُقيمت بالتعاون مع جمعية المتقاعدين بجازان، وقدمت للنشء صورًا من الموروث الشعبي، من الأمثال والقصص والحكايات القديمة مرورًا بالممارسات الزراعية والصناعات التقليدية.
تميزت الفعالية بتسليط الضوء على دور المرأة الجازانية في حفظ التراث من خلال الأغاني والحرف اليدوية.
ورش الفنون الجمالية
من الخط العربي إلى الفن التشكيلي والرسم على الجلود وصناعة المجسمات من البن، قدّم الفنانون المشاركون تجارب تجعل المشاهد يدرك أن الإبداع في جازان ليس حالة فردية، بل تيار متدفق يزداد قوة مع الوقت.
العروض الاستعراضية والمسرحية
قدمت فرق محلية عروضًا فنية ترحيبية وأناشيد وفرائط مسرحية صغيرة، صنعت للحضور لحظات تجمع المتعة بالفائدة، وتذكّر الزائر بأن الثقافة ليست كتابًا فقط، بل تجربة حية.
ورش التدريب والتعلم
جلسات تعليمية للأطفال، محاضرات تثقيفية للكبار، مرسم مفتوح، مكتبات قرائية، وبرامج تفاعلية تنقل المعرفة من شكلها التقليدي إلى أسلوب تشاركي ممتع.
دعم الفنون الإسلامية رؤية فنية معاصرة

احتفى بيت الثقافة باليوم العالمي للفن الإسلامي بالتعاون مع كلية الفنون والعلوم الإنسانية في جامعة جازان.
جاء الاحتفال عبر معرض بصري ضخم قدم لوحات ومنسوجات وتصميمات رقمية استلهمت العمارة والزخرفة والخط العربي في إطار حديث.
شارك طلاب الجامعة بأعمال فنية حية، استوقفت الزائر بما تحمله من روح جديدة تعيد قراءة الفن الإسلامي بروح العصر.
مكونات بيت الثقافة في جازان
اليوم يمكن القول إن بيت الثقافة أصبح منصة تجمع:
- الفنانين
- الأسر
- الطلاب
- المبدعين
- والمهتمين بالمعرفة
من هنا تنطلق علاقة جديدة بين المجتمع والثقافة، علاقة تؤمن بأن المعرفة ليست رفاهية، بل طريق لصناعة مستقبل أكثر وعيًا وفخرًا بالهوية.
الأسئلة الشائعة

ما علاقة المشروع بمبادرة بيوت الثقافة؟
المركز هو أحد مخرجات مبادرة بيوت الثقافة التي تقودها هيئة المكتبات لتحويل المكتبات إلى مراكز ثقافية تفاعلية.
ما الجهة المسؤولة عن إدارته؟
يُدار المركز من قبل هيئة المكتبات التابعة لوزارة الثقافة السعودية.
ماذا يقدم بيت الثقافة للزوار؟
ورش عمل، معارض فنية، عروض مسرحية، جلسات قراءة، أنشطة للأطفال، ومساحات لتقديم المواهب الفنية.
في الختام، يُمكن القول إن بيت الثقافة في جازان لم يعد مجرد مكتبة، بل أصبح مركزًا حيويًا يجمع بين الأصالة والحداثة، ويقدم تجربة ثقافية متكاملة لجميع فئات المجتمع. من خلال الفعاليات الفنية، وورش العمل، والمعارض، يسهم البيت في تعزيز الهوية الثقافية وبناء مجتمع معرفي متكامل يقدر الفنون والتراث المحلي.
للمهتمين بمتابعة أحدث الفعاليات الثقافية في المملكة، يمكنكم متابعة مدونة بيوت السعودية للاطلاع على التقارير والتغطيات والتحليلات الخاصة بكل جديد في عالم الثقافة والفنون في المملكة.