في قلب طبيعة عسير الجبلية، استلهم السكان أسلوباً فريداً في الزراعة لاستكمال حياتهم على هذه الأرض، إذ شهدت هذه الطريقة اهتماماً فريداً من نوعه للعديد من الميزات التي وفرتها للمنطقة، لنتعرف على المزارع الجبلية في عسير والتي تعتبر أبرز مثال على تمسك الإنسان العسيري في أرضه وبناء ثقافته.
نبذة عن المزارع الجبلية في عسير
المزارع الجبلية في عسير ليست مجرد مدرجات خضراء تزين سفوح الجبال، بل هي شاهد حي على عبقرية الإنسان السعودي في التكيف مع الطبيعة، وتحويل التضاريس الوعرة إلى واحات خصبة نابضة بالحياة، حيث صاغ أهالي عسير عبر قرون من التجربة والخبرة نظاماً فريداً يقوم على المدرجات الحجرية التي تحفظ التربة وتخزين مياه الأمطار.

كما شكلت هذه المزارع من الجبال لوحات هندسية بديعة تجمع بين الجمال الطبيعي والإبداع الزراعي، حتى أصبحت رئة خضراء للمنطقة توفر كوكبة واسعة من الثمار مثل أزهار البن في عسير، ومستقطباً أساسياً للسياح حول المملكة، فضلاً عن حملها للقيمة التراثية والثقافية العميقة التي تعكس ارتباط السكان بأرضهم وصمودهم في مواجهة التحديات البيئية.
أهمية المزارع الجبلية
تمتد المزارع الجبلية على 200 كم تحمل بها أهميات كبيرة تندرج في عدة مجالات، لتجعلها هذه الميزة واحدة من أبرز صور الزراعة المستدامة في شبه الجزيرة العربية، ومن أهم محاورها:
الأهمية البيئية
بالطبع الغاية الأساسية من هذه المزارع هي دعم البيئة عن طريق الآتي:
- تسهم المدرجات الزراعية في الحفاظ على التربة ومنع انجرافها بفعل الأمطار والسيول
- العمل كخزانات طبيعية لتجميع مياه الأمطار وتحسين تغذية المياه الجوفية
- الحفاظ على التنوع الحيوي في المنطقة، إذ تحتضن أنواعاً متعددة من النباتات والمحاصيل
- إنشاء جمعيات ومبادرات تشجع على الزراعة مثل جمعية البن في عسير
الأهمية الاقتصادية
تنعكس أهمية المزارع الجبلية على الناحية الاقتصادية أيضاً، حيث تعتبر مصدراً رئيسياً لإنتاج محاصيل استراتيجية مثل البن والقمح، إلى جانب بعض أنواع الفواكه والخضراوات، فضلاً عن توفير سبل العيش لعدد كبير من الأسر الريفية وخلق فرص عمل تدعم الاقتصاد الريفي من خلال الزراعة بشكل دائم أو موسمي من خلال الزراعة والتجارة والسياحة.
الأهمية التراثية والثقافية
تعبّر هذه المزارع عن مدى ثقافة عميقة وضاربة في جذور الأرض وتراث تركه الأجداد كإرث للأحفاد، حيث تعكس مهارة الإنسان العسيري في تطويع الجبال وتحويلها إلى أرض خصبة منذ مئات السنين، بالإضافة إلى اعتبارها جزءً من الهوية الثقافية والذاكرة التاريخية للمنطقة، علاوةً على تشكيلها عنصر سياحي سنتكلم عنه في الفقرات القادمة.
السياحة في المزارع الجبلية في عسير
أصبحت المزارع الجبلية اليوم في عسير مقصداً للزوار ضمن مشاريع السياحة الزراعية والبيئية، بحيث تشكل بيئة مثالية لإقامة المهرجانات والمبادرات لتعريف الأجيال القادمة والزوار بتراث عسير الزراعي، عطفاً على تجسيدها الآتي:
- توفر المزارع الجبلية مشاهد بانورامية خلابة حين تتعانق المدرجات الخضراء مع قمم الجبال والغيوم
- منح الزوار فرصة ذهبية لعيش أجواء ريفية أصيلة والتعرف على طرق الزراعة التقليدية والحصاد
- اعتبارها متاحف طبيعية مفتوحة وتجسيدها براعة الإنسان العسيري في هندسة المدرجات وحفظ الماء والتربة
- تنوع الأنشطة السياحية عبر التجول بين المزارع وتذوق ثمارها الطازجة والمشاركة في الفعاليات والمهرجانات الزراعية
- مركز جذب عالمي مع مشاريع التطوير السياحي في عسير، إذ أصبحت المزارع الجبلية مقصداً للزوار المحليين والدوليين للباحثين عن الأصالة والجمال
أمثلة على المزارع الجبلية في عسير
تذخر منطقة عسير في سلسلة واسعة من الزراعة الجبلية التي تغطي أغلب أجزائها، فضلاً عن اختصاص كل منطقة في ثمار معينة واستراتيجيات زراعة مختلفة تعكس مدى تفكير العسيري المتطور في الزراعة، دعنا نوضح لكم في هذه الأمثلة:
مزارع رجال ألمع

تُعد رجال ألمع من أبرز الأمثلة لعدة أسباب، ومن أهمها هي زراعة البن وإقامة مهرجانات تضم منتجاتها مثل مهرجان البن الثاني، إضافةً إلى تنوع المحاصيل الأخرى مثل الدخن والذرة، إلى جانب أشجار الفواكه.
مزارع جبال السودة
تعتبر جبال السودة من أغنى مناطق جبال عسير، بالأخص في المناطق القريبة من أبها، “مزرعة السحاب” هي من أبرز الأمثلة على نجاح زراعة الفراولة، إضافةً إلى تمركز العديد من المزارع المنتجة للزيتون وغيرها من المنتجات الزراعية.
وصلنا إلى نهاية جولتنا في المزارع الجبلية في عسير والتي قدمتها لكم مدونة بيوت السعودية، حيث نقدم لكم كل ما هو جديد حول المناطق السياحية والزراعية في المنطقة وفرص الاستثمار العقاري فيها، إذ يمكنكم زيارة مدونتنا والاطلاع على سبيل المثال على العقارات الزراعية في تبوك.