هل يمكن أن يكشف موقعاً أثرياً عن أسرار حضارة قديمة؟ لا يعد موقع حليت الأثري مجرد آثار تاريخية، بل يعتبر شاهداً على ازدهار التعدين في في العصر الإسلامي المبكر. لكن كيف ساهم الموقع في تشكيل ملامح الحياة الاجتماعية والاقتصادية في تلك الفترة؟ وما هي أهمية هذا الموقع التاريخي، وما هي الاكتشافات التي أظهرتها أعمال التنقيب الحديثة؟ نستكشف هنا هذا الإرث التاريخي العريق، ونغوص في التفاصيل المثيرة له.
أين يقع موقع حليت ؟

يعد موقع حليت الواقع في محافظة الدوادمي في منطقة الرياض، حيث يقع على مساحة 600 متر في 100 متر. ويعد أحد مواقع التعدين التي تعود للفترة الإسلامية المبكرة. وينتشر على سطح الموقع عدد غير قليل من الأواني الزجاجية والفخارية.
ما أهمية موقع حليت الأثري ؟
يعد الموقع مدينة اقتصادية منذ وقت مبكر في التاريخ، حيث تم الاستدلال عليه من خلال التخطيط العام والنسق المعماري المميز في الموقع. بالإضافة إلى ظهور عدداً م الظواهر العمرانية المتنوعة فيه، مثل ظهور مسجد على نمط المساجد المبكرة في العصر الإسلامي الأول، إلى جانب أفران ووحدات سكنية لصهر المعادن، ومعثورات أثرية تظهر ثراء الموقع.
ما هو تاريخ موقع حليت الأثري ؟
في العصر الأموي، عرف الموقع باسم “معدن النجادي” وذلك نسبة لمالكيه من أبناء نجاد بن موسى بن سعد بن أبي وقاص. إلى جانب كونه أحد أشهر المناجم في الجزيرة العربية خلال العصرين العباسي والأموي.
ويبرز الموقع كأحد أبرز المناجم الإسلامية ومعثورات. ويعد الموقع من المواقع ذات البنية التحتية المتكاملة، وهو ما يبرز الدور الحضاري للجزيرة العربية في الفترة الأموية. حيث تطابقت معثوراته الكتابية مع التحاليل العلمية التي تم إجراؤها.
أين وصل مشروع تنقيب موقع حليت الأثري ؟
تعمل هيئة التراث السعودية إلى الكشف عن ملامح الموقع الأثري وتوثيقه والمحافظة عليه، ويأتي ذلك من مسؤولياتها تجاه التراث الثقافي والعناية به وحمايته، مع إبراز الدور الحضاري للمملكة على مختلف الفترات التاريخية والعصور الزمنية، ولم تتوقف أعمال التنقيب الأثرية في هذا الموقع على مدار أكثرمن 40 عاماً.
ما هي المعثورات التي تم اكتشافها في الموقع ؟
تم الكشف عن سوق المستوطنة الذي يتكون من وحدات معمارية وغرف متلاصقة بمدخل جانبي، وذلك بالقرب من المسجد الذي تم استكشافه سابقاً. وعثر على مجموعة من المدقات والرحي التي كانت تستخدم في طحن المعادن. إضافة إلى معثورات مثل مثقال وزن يضم كتابة عربية مبكرة، وعملة أموية مؤرخة تعود لعام 85 هـ.
موقع الأخدود في منطقة نجران

ومع ذكر النقوش المتكشفة في موقع حليت، لا بد من ذكر أنه تم اكتشاف في موقع الأخدود الأثري عدداً من النقوش المسندية الجنوبية، ورأس ثور من البرونز يعود لعصور ما قبل الإسلام، وثلاثة خواتم. وقد أوضحت الهيئة أن هذه النقوش ذات طابع تذكاري، حيث من أهمها نقش كبير مدون على حجر من الجرانيت، ومكوناً من سطر واحد، ويبلغ طوله 230 سم، وارتفاعه 48 سم، وطول حرفه 32 سم، وبهذا يكون أطول نقش مسندي تم العثور عليه في تلك المنطقة، حيث يعود لأحد سكان موقع الأخدود واسمه “وهب إيل بن مأقن”، وقد تم عمل هذا النقش في لسقاية بيته أو حتى قصره.
وتم الكشف أيضاً عن ثلاثة خواتم خواتم من الذهب، تشكل من الأعلى شكل فراشة بنفس الشكل والمقاس، حيث تعد من المعثورات الأثرية التي تم الكشف عنها مسبقاً خلال المشاريع العلمية السابقة. كما وعثر على رأس ثور تم صنعه من معدن البرونز، ويوجد عليه آثار أكسدة، ويجري العمل على ترميمه حالياً وفقاً للمنهج العلمي. ومن المعروف أن رأس الصور كان من الأمور الشائعة لدى ممالك جنوب الجزيرة العربية، وذلك في عصور ما قبل الإسلام، ويعد رمزاً للقوة والخصوبة، حيث يعد الرمز الأبرز والأهم بدى المعينيين والسبئيين والقتبانيين.
تتجلى لدينا قصص الماضي العريق بين ثنايا موقع حليت التاريخي، والذي يكشف عن تفاصيل مهمة حول أنشطة التعدين والتجارة في الموقع، والتي شكلت جزءاً أساسياً من التاريخ الإسلامي المبكر. ومع استمرار أعمال التنقيب والبحث في الموقع، تبقى مثل تلك المواقع شاهدة على حضارات سابقة ساهمت في تشكيل وبناء المجتمعات وملامحها. فهل يمكن أن تكشف الدراسات القادمة المزيد من الأسرار عن هذا الإرث التاريخي؟ وإن كنت من المهتمين بالمواقع الأثرية يمكنك اكتشاف مدينة ثاج الأثرية من خلال زيارة مدونة بيوت السعودية التي تقدم لك كل جديد.