كيف نبني اقتصادًا وطنيًا متقدمًا يقوم على المعرفة والابتكار؟ في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصاعد فيه التحديات الاقتصادية العالمية، لم يعد تطوير القطاع الصناعي خيارًا، بل ضرورة حتمية لتحقيق النمو والاستدامة. ومن هنا، برزت أهمية المؤسسات الوطنية التي تهتم بالبحث العلمي والتطبيق العملي، لتكون بمثابة الجسر الذي يصل بين المعرفة النظرية وواقع الصناعة. وفي السعودية، يمثل معهد التصنيع المتقدم نموذجًا رائدًا لهذه المؤسسات، حيث يضطلع بدور محوري في دعم رؤية المملكة 2030، التي تضع الابتكار وتنمية الكفاءات الوطنية في صميم أهدافها الاستراتيجية.
يأتي معهد التصنيع المتقدم في جامعة الملك سعود ليجسد هذا التوجه الطموح، من خلال تقديم حلول تقنية متقدمة، وتطوير مهارات الكوادر البشرية، وبناء شراكات فاعلة مع الجهات الصناعية داخل المملكة وخارجها. في مقالنا هذا، نأخذكم في جولة شاملة داخل هذا المعهد الرائد، نستعرض فيها موقعه وأهميته، ونكشف عن رؤيته الطموحة ورسالة عمله، ونتعرف على أهدافه الاستراتيجية التي ترسم ملامح مستقبله الصناعي. كما نستعرض بالتفصيل أبرز مجالات عمله البحثي والتطبيقي، بالإضافة إلى برامجه التدريبية المتخصصة، وشراكاته المحلية والدولية، وأخيرًا طرق التواصل للاستفادة من خدماته المتعددة.
ما هو مركز التصنيع المتقدم؟

معهد التصنيع المتقدم هو مؤسسة بحثية وتعليمية تأسست عام 2012م (1433هـ) في جامعة الملك سعود بمدينة الرياض، العاصمة السعودية. أنشئ المعهد ليكون جسرًا يربط بين الجامعة وقطاع الصناعة، بهدف تعزيز البحث العلمي الإبداعي في مجال التصنيع المتقدم، ودعم تطوير الصناعات الوطنية بما يتوافق مع الخطط الوطنية الطموحة ورؤية المملكة 2030. يلعب المعهد دورًا محوريًا في نقل التقنيات الحديثة وتوطينها، بالإضافة إلى تدريب الكوادر البشرية المؤهلة التي تساهم في دفع عجلة التنمية الصناعية.
موقع مركز التصنيع المتقدم
يقع المعهد داخل حرم جامعة الملك سعود في مدينة الرياض، مما يتيح له الاستفادة من البنية التحتية التعليمية والبحثية للجامعة، ويعزز من تواصله مع الكليات الهندسية والعلوم التطبيقية، بالإضافة إلى قربه من العديد من المنشآت الصناعية والخدمية في العاصمة.
الرؤية
يطمح معهد التصنيع المتقدم إلى الريادة الإبداعية والتميز في البحث والتطوير والتدريب والخدمات الاستشارية في مجالات تقنيات ونظم التصنيع المتقدم على مستوى المنطقة، وأن يكون شريكًا متميزًا لمراكز الخبرة العالمية.
الرسالة
تتمثل رسالة المعهد في العمل على تحقيق الريادة والتميز في مجالات التصنيع المتقدم من خلال تنفيذ مهام بحثية إبداعية، وتقديم تدريب متميز، وتطوير فريد للكفاءات البشرية، مع التركيز على دعم الصناعة الوطنية والمساهمة في توطين التقنية.
الأهداف الاستراتيجية
وانطلاقًا من رسالته ورؤيته المستقبلية، وضع معهد التصنيع المتقدم مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تُوجّه أنشطته ومبادراته نحو تحقيق الريادة الصناعية والمعرفية، تشمل:
- استقطاب الباحثين المتميزين في مجالات التصنيع المتقدم والاستفادة من خبراتهم.
- مد جسور التعاون مع الخبراء داخل المملكة وخارجها.
- تحقيق التميز البحثي والعلمي وتبني الأبحاث في نظم وتقنيات التصنيع المتقدم.
- تعزيز القدرات المهنية للطلاب والمهندسين من خلال التدريب وورش العمل والإشراف على الرسائل العلمية.
- تنمية الشراكة المجتمعية مع الجامعة ودعم التعاون مع القطاعات الصناعية المختلفة.
- تقديم حلول مبتكرة لمشكلات التصميم والتصنيع التي تواجه القطاعات الصناعية.
- الإسهام في توطين التقنية ونقل المعرفة في مجالات التصنيع المتقدم
ماذا تفعل التصنيع المتقدم؟
يعمل معهد التصنيع المتقدم على تطوير منظومة متكاملة تشمل البحث العلمي، التدريب، تقديم الخدمات الاستشارية، ودعم الابتكار في مجال التصنيع المتقدم. تشمل المجالات الرئيسية التي يغطيها المعهد ما يلي:
الاستراتيجيات الصناعية
يختص هذا المجال بصياغة ومراجعة وتنفيذ برامج الاستراتيجيات الصناعية، والخطط التنفيذية للتصنيع والتكامل الصناعي، بالإضافة إلى تحليل وتصميم منظومات التصنيع وسلاسل الإمداد الصناعية.
تصميم وتطوير المنتج
يركز على تصميم المنتجات الصناعية الجديدة، وتطوير المنتجات القائمة، وتقديم حلول تقنية لاستعادة وتحسين المواصفات الفنية والوظيفية للمنتجات وقطع الغيار، إلى جانب اختبارها لضمان الجودة.
التصنيع
يغطي هذا المجال تقنيات وعمليات التصنيع المتقدم مثل التصنيع الرقمي المباشر، تصنيع النماذج السريعة، التصنيع الدقيق (الميكرو)، وعمليات التصنيع غير التقليدية والرقمية.
مختبرات معهد التصنيع المتقدم

يضم المعهد مجموعة من المختبرات المتطورة التي تدعم أنشطته البحثية والتعليمية، منها:
- مختبر التصميم والتصنيع بالحاسوب (CAD/CAM): لتصميم وتصنيع المنتجات باستخدام برامج متقدمة.
- مختبر الهندسة العكسية والمقاييس: مزود بأجهزة قياس متطورة مثل الماسحات ثلاثية الأبعاد لتحديد تفاصيل المنتجات وتحليلها.
- مختبر التصنيع الدقيق: يختص بتقنيات القطع الدقيقة مثل الليزر والتفريغ الكهربائي، ويخدم تطبيقات صناعية دقيقة ومتقدمة.
- مختبر التصنيع الرقمي المباشر (الطباعة ثلاثية الأبعاد): يدعم تصنيع المنتجات عبر الطباعة ثلاثية الأبعاد، مما يوفر مرونة تصميمية وسرعة في الإنتاج.
- مختبر عمليات التصنيع: يحتوي على آلات CNC وآلات تشكيل المعادن لتوفير بيئة متكاملة للتصنيع والتجميع.
البرامج والأنشطة التدريبية
يقدم المعهد مجموعة واسعة من الدورات وورش العمل التي تستهدف كل من طلاب الهندسة الصناعية والميكانيكية، والمهندسين الممارسين في القطاعين العام والخاص. بالإضافة إلى مديري العمليات والجودة في المصانع. ومن أبرز الدورات المقدمة: تقنيات التصنيع المتقدمة والابتكارات الصناعية، وهي دورة تفاعلية تركّز على استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، وإنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة التصنيع، خفض التكاليف، وتحقيق الجودة العالية.
الشراكات والتعاون الدولي
يرتبط معهد التصنيع المتقدم بعدد من الشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات وطنية وعالمية، ومن أبرزها:
- الشركة الوطنية الابتكارية الصناعية NAMI: شراكة بحثية تدعم تطوير منتجات وطنية مبتكرة.
- Saudi AMHUB: مبادرة تعاونية تضم أبرز الجهات الصناعية السعودية ضمن شبكة عالمية لمراكز التصنيع المتقدم.
- التعاون مع مراكز دولية في أوروبا وآسيا وأمريكا لتبادل الخبرات وتطوير أبحاث مشتركة في الذكاء الصناعي والتقنيات الذكية.
دور المعهد في تطوير الصناعات السعودية بشكل مستدام
يساهم معهد التصنيع المتقدم في تطوير الصناعات الوطنية بشكل مستدام من خلال:
- توطين التقنية: نقل وتطوير تقنيات التصنيع المتقدمة داخل المملكة، مما يقلل الاعتماد على الخارج.
- رفع كفاءة الإنتاج: دعم المصانع الصغيرة والمتوسطة بتقديم استشارات تقنية وحلول مبتكرة أدت إلى زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات.
- تطوير الكوادر البشرية: تدريب وتأهيل المهندسين والفنيين السعوديين في أحدث تقنيات التصنيع.
- تعزيز الابتكار: دعم البحث العلمي التطبيقي الذي يساهم في تطوير منتجات وتقنيات جديدة تلبي احتياجات السوق المحلي والعالمي.
- الشراكات الصناعية: بناء علاقات تعاون مع شركات صناعية وطنية وعالمية لتعزيز تبادل المعرفة والخبرات.
معلومات التواصل
للتعرف أكثر على أنشطة المعهد، أو التسجيل في البرامج التدريبية، يمكن التواصل عبر:
إلى هنا نصل إلى ختام مقالنا الذي استعرضنا فيه معهد التصنيع المتقدم بالرياض، حيث تعرفنا على رؤيته المستقبلية، مجالات عمله، برامجه التدريبية، وشراكاته المتميزة. يمثل هذا المعهد منشأة تعليمية ومنصة استراتيجية رائدة تساهم في بناء مستقبل صناعي سعودي قائم على الابتكار والمعرفة.
ننصحك بزيارة مدونة بيوت السعودية للاطلاع على المزيد من المقالات المتخصصة حول التطوير الصناعي مثل برنامج المسح الصناعي، التعليم، والتقنيات الحديثة وكل ما يخص العقارات في المملكة.