عندما تحدثنا سابقًا في مقالنا عن دليل النباتات العطرية في السعودية، كان واضحًا أن منطقة جازان تحتل مكانة مميزة في هذا المجال، خاصة بزراعة الفل الجيزاني الذي ارتبط بالتراث والاستخدامات اليومية. ويُعد مشروع زراعة الفل في جازان واحدًا من أبرز المبادرات التي تُجسد هذا الاهتمام، حيث يجمع بين البعد الزراعي والاقتصادي والثقافي.
في هذا المقال، سنتناول تفاصيل هذا المشروع. بداية من فكرته ومساحته وميزانيته، وصولًا إلى أهدافه الاقتصادية، وجهود الدعم التي رافقته، بالإضافة إلى معلومات حول عن واقع زراعة الفل في المنطقة .
ما هو مشروع جازان الفل؟
مشروع زراعة الفل في جازان هو مبادرة تنموية تهدف إلى تحويل المنطقة إلى وجهة رائدة في إنتاج النباتات العطرية، وفي مقدمتها الفل. تعتمد الفكرة على زراعة الفل في عدة مواقع بمحافظات صبيا وأبو عريش والطوال. وقد خُصصت مساحة تقدر بحوالي 132 هكتارًا لزراعة أكثر من مليون شجرة فل، إلى جانب نباتات عطرية أخرى.

كم تبلغ ميزانية مشروع زراعة الفل في جازان ؟
خصصت للمشروع ميزانية تقارب 20 مليون ريال، تُوجه لتطوير تقنيات الزراعة والإكثار، وبناء بنية تحتية تعتمد على مياه الري المعالجة ثلاثيًا. توفر هذه المياه ما يقارب 74 ألف متر مكعب يوميًا، مما يدعم استدامة المشروع بيئيًا واقتصاديًا.
ما العوامل التي ساهمت في نجاح المشروع؟
يعتمد المشروع على مجموعة من العوامل التي أسهمت في نجاحه، مثل المناخ المناسب، والتربة الخصبة، والموقع الجغرافي الداعم. كما ساهم الإرث الثقافي المرتبط بزراعة الفل في تعزيز قبول المجتمع لهذا التوجه، ما أوجد بيئة جاهزة للاستثمار الزراعي والصناعي.
العوائد الاقتصادية من مشروع زراعة الفل في جازان
يُعد مشروع مدينة الفل فرصة اقتصادية واعدة، إذ يعزّز من مكانة المنطقة كمركز منافس في مجالي الزراعة والصناعات التحويلية. ويُتوقع أن يسهم في إنتاج منتج سعودي عالي الجودة، قابل للتسويق محليًا وعالميًا، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الزراعي ويُحفّز الاستثمار في هذا القطاع. ويدعم هذا المشروع أهداف وزارة البيئة والمياه والزراعة في توسيع الرقعة الخضراء وزراعة عشرة ملايين شجرة فل على مستوى المملكة.
ما هي التحديات التي تواجه مشروع زراعة الفل في جازان ؟
من أبرز التحديات التي تواجه زراعة الفل في جازان غياب الصناعات التحويلية المتخصصة. هذا بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف العمالة، إلى جانب ضعف الخطط التسويقية للمنتج. ولمعالجة هذه المعوقات، طُرحت عدة استراتيجيات فعالة، من بينها دعم وتفعيل دور جمعية الفل في المنطقة، وإنشاء مصانع متكاملة لمعالجة وتصنيع الفل، وتقديم دعم مباشر للمزارعين. وسنتناول هذه الجهود بشكل مفصل في الفقرة التالية.
كيف يتم دعم زراعة الفل في جازان؟
يحظى مشروع مدينة الفل بدعم على مستويات متعددة، يشمل الدعم المؤسسي والمجتمعي والثقافي، ما يعزز من استدامته وانتشاره. وفيما يلي أبرز صور هذا الدعم:
تأسيس جمعية الفل والنباتات العطرية
من أهم مظاهر الدعم المؤسسي تأسيس جمعية الفل والنباتات العطرية بجازان في عام 1443هـ. تعمل الجمعية على تقديم مجموعة من الخدمات للمزارعين، تشمل الإرشاد الزراعي، والتدريب، وتوفير الشتلات والمعدات، إلى جانب إنشاء مصانع متخصصة لاستخلاص زيت الفل. ويمكن التعرف على أبرز خدمات الجمعية من خلال مقال 3 خدمات رئيسية تقدمها جمعية الفل والنباتات العطرية بجازان للمزارعين.
تنظيم المهرجانات الثقافية والترفيهية
تلعب الجمعية دورًا مهمًا في الترويج للفل ومنتجاته من خلال الفعاليات والمهرجانات الموسمية، ويُعد مهرجان الفل والنباتات العطرية أبرز هذه الفعاليات. حيث يُسهم المهرجان في إبراز القيمة الثقافية والاقتصادية للفل، وزيادة الوعي المجتمعي به. للاطلاع على تفاصيل أكثر، يمكن الرجوع إلى مقالنا المفصّل حول هذا المهرجان.
ما هي مواصفات مدينة الفل في جازان؟
تُعد مدينة الفل المرحلة الصناعية المتقدمة لمشروع زراعة الفل. حيث تركز المدينة على تحويل المحصول إلى منتجات ذات قيمة مضافة، مثل الزيوت والعطور، ضمن إطار برنامج “صُنع في السعودية”. ويُتوقع أن تنتج المدينة نحو 22 ألف كيلوجرام من زيت الفل سنويًا، ما يعزز مكانة المنطقة في قطاع الصناعات التحويلية.

مرافق متطورة لخدمة الإنتاج
تضم المدينة بنية تحتية متقدمة تشمل بيوتًا محمية عالية التقنية. هذا بالإضافة إلى مراكز زراعية متخصصة، أبرزها حقل الأمهات في قوز الجعافرة، الذي يحتوي على آلاف الشتلات من الفل البلدي، والنباتات العطرية الأخرى. وقد بدأت الجهات المعنية بطرح كراسات المنافسة لبعض أجزاء المشروع، مما يشير إلى خطوات جادة نحو التنفيذ الفعلي.
حول زراعة الفل في جازان
تشير البيانات الحديثة إلى أن منطقة جازان تضم أكثر من 227 ألف شجرة فل مزروعة، موزعة على عدد من المزارع المحلية. كما تحتضن المنطقة 14 مشتلاً مرخصًا متخصصة في إنتاج شتلات الفل، مما يساهم في دعم التوسع الزراعي. ويُقدّر متوسط الإنتاج السنوي للفل في جازان بنحو 280 طنًا من الأزهار، ما يعكس نمو هذا القطاع واستقراره.
متى موسم الفل في جازان؟
يُزرع الفل في جازان مع بداية فصل الربيع، حيث تكون درجات الحرارة معتدلة. ويعتمد المزارعون على أنظمة ري منتظمة، ويستخدمون هياكل خشبية لمساعدة النباتات على النمو بشكل طبيعي. وتُعد زراعة الفل نشاطًا منزليًا شائعًا، خاصة بين النساء في المنطقة.
ما هي استخدامات الفل في منطقة جازان ؟
للفل مكانة خاصة في مجتمع جازان، فهو جزء من الموروث الشعبي وتقاليد المناسبات. يُستخدم في الأعراس والاحتفالات على شكل عقود تُزيّن الرأس أو توضع على العنق. ويُعد الفل رمزًا للجمال والترحيب وارتباطًا بالهوية الثقافية للمنطقة.
وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا حول مشروع زراعة الفل في جازان . حيث تناولنا في هذا المقال فكرة المشروع وأهدافه، وميزانيته والعوامل التي ساعدت على نجاحه، إلى جانب العوائد الاقتصادية المتوقعة منه. كما استعرضنا جهود الدعم المؤسسي والمجتمعي، ومواصفات مدينة الفل، والوضع الحالي لزراعة الفل في المنطقة.
للاطلاع على مزيد من المقالات المفيدة التي تقع ضمن هذا الإطار وغيره من المواضيع الشيقة ننصحك بزيارة مدونة بيوت السعودية لتجد فيها كل ما يثير اهتمامك.