هل خطر لك يومًا أن تسمع باسم مسجد الإجابة وتتساءل عن قصته؟ فعندما يُذكر هذا الاسم يتبادر إلى الذهن فورًا معاني الدعاء والرجاء. ويتخيل القلب أن أبواب السماء قد فُتحت لمن رفع يديه بخشوع. لكن هل هو مسجد واحد فقط أم هناك أكثر من مسجد يحمل هذا الاسم؟ وأين تقع هذه المساجد ضمن أهم المعالم الدينية في مكة والمدينة المنورة؟ وهل لكل منها قصة مميزة أو فضل خاص يميزها عن غيرها من المساجد؟
في هذا المقال، نأخذك في رحلة إيمانية نتعرف خلالها على قصة كلا المسجدين في المدينة المنورة المرتبط بدعاء النبي محمد ﷺ. ثم نسلط الضوء على نظيره في مكة المكرمة، لنقارن بينهما من حيث التاريخ والمكانة الروحية، مستكشفين معًا سر هذا الاسم.
ماذا تعرف عن مسجد الإجابة بمكة؟
يعد هذا المسجد أحد المعالم الدينية في مكة. ووجهة روحانية للزوار ضمن أبرز المساجد التاريخية التي تروي تاريخ الحجاز منذ فجر الإسلام. ويقع تحديدًا في حي المعابدة شمال شرق المسجد الحرام. إذ يتميز بتسميته المشتركة مع مسجد آخر في المدينة المنورة، ما يثير الفضول حول العلاقة بين الموقعين. ويُعرف هذا المسجد أيضًا باسم خيف بني كنانة، وهو الاسم الذي يعود إلى موقعه في منطقة المحصب الممتدة من الحجون إلى مشعر منى. وهو بذلك أقرب إلى منى منه إلى الحرم. إلى جانب مكانته المتجذّرة باعتباره من أهم المساجد التاريخية التي يحرص المعتمرون والحجاج على زيارته.
اقرأ أيضاً: مسجد الرحمة جدة.. التحفة المعمارية.
كيف بدأ بناء مسجد الإجابة في مكة المكرمة ؟

تاريخٌ عريق وموقعٌ استراتيجي جعلا منه شاهدًا حيًّا على جذور مكة الدينية والسياسية. فيما يلي أبرز ما نعرفه عن بناء وموقع المسجد:
- بُني قبل العام الثالث الهجري، ويُروى أن النبي محمد ﷺ صلى في موضعه، ما يُضفي عليه بعدًا نبويًّا شريفًا.
- يقع عند بداية شارع الإجابة، على يمين المتجه إلى المسجد الحرام. ويتصل بطريق داخلي يربط بريع ذاخر التاريخي المتفرع من الطريق الدائري الثالث بمكة.
- يحاذيه جامع الملك عبدالعزيز في حي المعابدة، ويفصل بينهما الطريق المؤدي إلى الحرم المكي.
- يقابله قصر الملك عبدالعزيز الذي كان مقرًّا للإمارة أثناء تأسيس المملكة، ما يضفي على الموقع رمزية وطنية وتاريخية.
- يُعد وجهة بارزة للزوار والمعتمرين نظرًا لقربه من المسجد الحرام، ولموقعه في مكة التاريخية.
- يقع بين مقر إمارة منطقة مكة وأمانة العاصمة المقدسة، ما يجعله في موقع محوري يتوسط المدينة وأحيائها العتيقة.
ترميم مسجد الإجابة في مكة المكرمة
شهد عدة مراحل ترميم في العهد السعودي، كان آخرها أكثرها تميزًا من حيث التصميم والبناء:
- أُعيد بناؤه بالكامل عام 2001، مع تحسينات معمارية بارزة شملت الواجهة والمرافق
- كُسيت واجهته الخارجية بالرخام الملوّن، ما أضفى عليه طابعًا فخمًا وجاذبًا بصريًا يميّزه عن المساجد المجاورة
- أُضيفت إليه قبة ومنارة في التصميم الحديث، إلى جانب تحسين دورات المياه والمرافق الخدمية
- يضم بابين رئيسيين للدخول والخروج على جانبي المسجد، لتيسير حركة المصلين
- يتميّز بلونه الأبيض واسمه المنقوش بخط واضح، وتُرى قبلته في اتجاه ساعة مكة المكرمة. ما يجعل موقعه مميزًا ويسهل التعرف عليه من بعيد
ما هي قصة مسجد الإجابة في المدينة المنورة؟
يقع في المدينة المنورة إلى الشمال من المسجد النبوي الشريف، تحديدًا على طريق الملك فيصل. وعلى بُعد نحو 385 مترًا من مقبرة البقيع. كما يُعرف أيضًا باسم مسجد بني معاوية، نسبةً إلى الحي الذي بُني فيه. وقد نال المسجد اهتمامًا كبيرًا ضمن مشروع إعمار المساجد التاريخية، حيث شمل التأهيل والتحسين بدعم كريم من الأمير فيصل بن سلمان، رئيس مجلس هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة. إلى جانب ذلك، كان آخر تجديد كبير له قد جرى في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز.
لماذا سمي بهذا الاسم؟
يحمل أسم هذا المسجد في المدينة المنورة من قصة دعاء نبوي عميق. إذ تجسد معنى الاستجابة الإلهية في مكانه المبارك، وإليك أبرز تفاصيل هذه القصة:
- النبي محمد ﷺ مر بمسجد بني معاوية وصلى فيه ركعتين ودعا دعاءً طويلاً
- ذكر النبي ﷺ أنه سأل ربه ثلاث مرات في ذلك الدعاء
- استجاب الله له في اثنين من هذه الأدعية، وهي ألا يهلك أمته بالسنة وألا يهلكها بالغرق
- لم يُستجب له في الدعاء الثالث، ألا يكون بينهم بأس. ومن هنا جاء اسمه للدلالة على استجابة الدعاء في هذا المكان
أبرز مراحل ترميم مسجد الإجابة في المدينة المنورة

حظي المسجد باهتمام مستمر من الخلفاء والولاة عبر العصور. مما ساعد في الحفاظ عليه وتطويره ليُصبح أحد المواقع الأثرية ذات البعد الروحي في المدينة المنورة. وفيما نلخص أهم مراحل ترميمه وتطويره:
- بدأ الترميم والتوسعة منذ عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، الذي أولى عمارة المساجد في المدينة عناية كبيرة.
- جُددت جدران المسجد في القرن التاسع الهجري للحفاظ على هيكله من التآكل والتلف مع مرور الزمن.
- شهد نقلة نوعية في العصر الحديث خلال عهد الملك فهد بن عبد العزيز. حيث إذ تم توسيعه وتجهيزه بمرافق حديثة عام 1998م، ليتناسب مع أعداد الزوار المتزايدة.
- شملت التوسعة تحسين الساحات الداخلية، وتركيب وحدات تهوية، بالإضافة إلى توسيع المداخل وقاعات الصلاة لتوفير راحة أكبر للمصلين.
- أُدرج مؤخرًا ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية. بهدف تعزيز مكانته المعمارية والروحانية وضمان استدامته كموقع تراثي ذو هوية إسلامية واضحة.
الأسئلة الشائعة حول مسجد الإجابة
جمعنا لك أهم الأسئلة التي يطرحها الباحثون والزوار عبر محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي. لنقدم لك إجابات شاملة تساعدك على فهم أفضل لهذين المسجدين المباركين ومكانتهما التاريخية والروحية.
كم يبعد مسجد الإجابة عن الحرم؟
يقع على مسافة قصيرة نسبياً من المسجد الحرام. إذ يبعد حوالي 3 كيلومترات فقط، مما يجعله من المساجد القريبة التي يمكن الوصول إليها بسهولة خلال أداء مناسك الحج والعمرة.
أين يقع المسجد بالمدينة المنورة؟
يقع في الجهة الشمالية من المسجد النبوي الشريف. على طريق الملك فيصل بالقرب من البقيع، ويعرف أيضًا باسم مسجد بني معاوية، وهو موقع تاريخي ذا قداسة كبيرة في المدينة المنورة.
ما سبب تسمية كلا المسجدين بنفس الأسم؟
سُمي المسجد الموجود في المدينة المنورة نسبة إلى دعاء النبي محمد ﷺ الذي استجاب الله له. أما مسجد مكة فحمل الاسم تعبيرًا عن الدعاء والقبول الموجود في المكان وارتباطه الروحي. مما جعل الاسم يحمل دلالة خاصة على الاستجابة الإلهية.
وفي الختام، نكون قد قدمنا معلومات وافية وشاملة حول مسجد الإجابة في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، لتعريفكم بأبرز الأماكن ذات القداسة والروحانية في أقدس بقاع الأرض. إذ تحدثنا عن نبذة تاريخية عن المسجدين، وموقع كل منهما. وجوانب الترميم والتطوير التي خضع لها المسجدان، بالإضافة إلى المميزات الفريدة لكل موقع وسبب التسمية، مع الإجابة على أهم الأسئلة الشائعة التي يبحث عنها الزوار والمهتمون.
للمزيد من المقالات المفيدة والمتنوعة، زوروا مدونة بيوت السعودية، ولا تفوتوا متابعتنا على منصات التواصل الاجتماعي الموجودة أسفل الصفحة ليصلكم كل جديد.