هل تسائلت يومًا عن ما الذي يجعل القلاع التاريخية تثير فينا كل هذا الانبهار؟ هل هو جمال عمارتها الراسخة فوق التلال، أم أسرار القرون التي خبأتها بين جدرانها الصامتة؟، ربما لأنها لا تكتفي بسرد حكايات الملوك والمحاربين، بل تمنح زائريها نافذة على عصور مضت، وتبث في الحجر روحًا لا تزال تنبض بالتاريخ والهيبة، وعلى ذرات رمال السعودية تتواجد الكثير من القلاع التاريخية والتي تشهد على حضارات كبيرة تعاقبت على أراضي المملكة، ومن بين هذه القلاع، قلاع منطقة عسير والتي سنتحذث عنها في هذا المقال.
قلاع السعودية
في قلب الصحراء العربية، المكان الذي تعانق فيه الرمال وهج الشمس، وترتفع من على أرضه الجبال في شموخ يعانق السماء، تنهض قلاع من صخر وزمن، شيدتها مجموعة من حضارات تعاقبت، وخلدتها قرون من المجد والصراع، هنا، في السعودية لا تروي الحجارة مجرد حكايات، بل تسرد علينا تاريخًا من القوة والسيادة، من التجارة والحرب، من السلم والعزة، قلاع حاربت الرياح والعواصف، شهدت على ولادة ممالك، مرور قوافل، وارتقاء أمم، من قلعة برج قصبة العوص، إلى قلعة الدقل الأثرية التي ارتبطت برحلة التاريخ، فهي ليست مجرد قلاع، بل شواهد خالدة على حضارةٍ كتبت التاريخ، وما زالت تحرسه حتى اليوم، ففي هذا المقال، سنغوص في أعماق قلاع منطقة عسير ونكتشف أسرارها المعمارية، وروعة التخطيط، وسحر المكان، وسنسير على خطى الجنود، التجار، والحكام الذين مروا من هنا ذات زمن.

قلاع منطقة عسير
من قلب منطقة عسير، لم تعد القصور الأثرية مجرد شواهد على تاريخ مضى، ولا أماكن يقصدها الباحثون والمهتمون بالتراث لأغراض الدراسة أو المتعة البصرية فقط، بل تحولت هذه المعالم إلى محطات جذب سياحي مليئة بالحياة، تستقبل كافة فئات المجتمع، لإستعادة الحكايات القديمة بروح معاصرة، وتمنح الزائر تجربة استثنائية تمزج بين عبق التاريخ ومتعة الحاضر، فقد لعبت مشاريع الترميم والتأهيل دورًا مهمًا في إعادة إحياء حزمة من الحصون والقلاع التي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من قرنين من الزمان، لتصبح بذلك أيقونات سياحية تتصدر المشهد.
عدد القلاع في منطقة عسير
لا تتوفر إحصائيات دقيقة تخبرنا عن عدد القلاع والحصون المتواجدة في منطقة عسير، إلا أن المنطقة تزخر بعدد كبير من هذه المعالم التاريخية، حيث لا تكاد تخلو قرية أو مدينة من وجود حصن أو قلعة، خصوصًا في القرى التي كانت تفصل بين القبائل.
اقرأ أيضًا: جولة تاريخية في أكبر القصور والقلاع المعروفة في السعودية

قائمة عن بعض قلاع منطقة عسير
تحتوي منطقة عسير على مجموعة من القلاع والأبراج التاريخية التي تعكس مدى عراقة المنطقة وأهميتها عبر العصور، وقد لعبت هذه القلاع دورًا بارزًا في حماية المدن والقرى، وقد كانت مراكز للحكم والمراقبة، كما أنها في الوقت الحالي تمثل إرثًا معماريًا وثقافيًا فريدًا يجذب الزوار والمهتمين بالتاريخ، ومن أبرز مواقع قلاع منطقة عسير :
قلعة بن شكبان التاريخية
تتواجد هذه القلعة في قرية الرقيطاء على الضفة الغربية من وادي بيشة، بنيت القلعة في عهد الدولة السعودية الأولى عام 1798، تأخذ القلعة شكلًا مربعًا، وتضم داخلها 20 غرفة، وساحة داخلية مكشوفة، وسورًا داخليًا، إضافة إلى ذلك تحتوي القلعة على أربعة أبراج للمراقبة، وممرات مخصصة للحراسة، تضم القلعة أيضًا بئرًا مبنية بالحجر الأحمر، ويحيط بها سور دائري يبلغ ارتفاعه نحو متر، ما يعكس مزيجًا من الوظائف الدفاعية والمعيشية في تصميمها.
برج قصبة العوص
يتواجد برج قصبة العوص في محافظة رجال ألمع، أقيم هذا البرج ليكون بمثابة المراقب والحراس للمناطق المحيطة، يعد هذا البرج أحد المعالم الدفاعية التقليدية في المنطقة، وقد بنيت القصبة من الحجارة المحلية، وتبلغ مساحة قاعدتها حوالي 26 متر مربع، الأمر الذي يعكس بساطة التصميم وفعاليته في أداء مهامه الأمنية آنذاك.
قلعة الدقل الأثرية
تعد هذه القلعة من القلاع الأثرية المهمة المتمركزة في مدينة أبها بمنطقة عسير، وقد بنيت لأغراض عسكرية بين عامي 1914–1916، وقد شيدت القلعة على رأس جبل في الجهة الشمالية الغربية من أبها، بارتفاع يبلغ نحو 2,343 متر فوق سطح البحر، بينما يصل ارتفاع الجبل عن وادي أبها إلى نحو 143 مترًا، وقد منحها موقعها الجغرافي المرتفع أهمية استراتيجية كبيرة في مراقبة المنطقة وتأمينها.
قلعة شمسان
تتربع قلعة شمسان على قمة جبل شمسان المتواجد في مدينة أبها، على ارتفاع يصل إلى نحو 2,277 متر فوق سطح البحر، تصل مساحة القلعة إلى 5,389 متر مربع، فيما يتمركز مدخلها الرئيسي في منتصف الجهة الجنوبية الغربية بعرض 4 أمتار، ويذكر ان هذه القلعة مبنية من حجارة بركانية غير منتظمة، مثبتة بمونة من النورة أو الطين، تحتوي القلعة على ثلاثة أبراج دفاعية موزعة في ثلاث زوايا، ما يدل على أهميتها العسكرية في وقت تشييدها، وقد شهدت القلعة مجموعة من عمليات الترميم في عهد الدولة السعودية عام 1933.
قلعة الشقيقة
تعتبر هذه القلعة من أقدم القلاع في محافظة بيشة، إذ يتجاوز عمرها الثلاثة قرون، وقد كانت هذه القلعة مقرًا للقوات السعودية ومنطلقًا لعملياتهم، تتميز الشقيقة ببنائها من الطين وفق الطراز التقليدي المحلي، يبلغ طول القلعة 72 مترًا، وعرضها 70 مترًا، وتحيط بها سبعة أبراج حراسة، ما يعكس طابعها الدفاعي الواضح وأهميتها العسكرية في أوقات مختلفة من تاريخ المنطقة.
إلى هنا نكون قد قدمنا لك في هذا المقال بعض أهم المعلومات حول قلاع منطقة عسير وذكرنا بعض منها، يمكنك أيضا قراءة مقالات مشابهة مثل: اكتشف آثار الماضي في متحف الباحة الإقليمي، إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من مقتطفات والمقالات الأخرى المهمة والشيقة، فإننا ندعوك لتفقد مدونة بيوت السعودية والبقاء على اطلاع بكل جديد أولا بأول.