ما الذي يجعل من قصر علياء الأثري أكثر من مجرد بناء قديم؟ يقف قصر علياء شاهداً على حكاية طريق الحج، وكاشفاً عن ملامح الإدارة والبنية العمرانية التي شكلت معالم الحياة الإسلامية والنبطية المبكرة. ولطالما كان القصر نقطة استراحة وعبور، وتتجلى فيه العمارة الدفاعية ضمن البيئة الصحراوية.
تاريخ قصر علياء الأثري
يعد قصر علياء جزءاً من مدينة أثرية قديمة كانت تعرف باسم مهيعة، وقد اندثرت هذه المدينة في أوائل العصر العباسي. وكان القصر محطة رئيسية على درب الحج الذي يربط مكة المكرمة بالمدينة المنورة، ومن المعتقد أنه قد تم تشييده في القرن الثاني الهجري.
وقد كانت المدينة مركزاً سكنياً وتجارياً نشطاً، وتخدم قوافل الحجاج. وقد اندثرت بفصل تغيرات سياسية وطبيعية، إلا أن القصر بقي شاهداً على تلك الحقبة. ويعود اسم القصر حسب الروايات إلى أبي زيد الهلالي وزوجته علياء.
التصميم المعماري لقصر علياء

يتميز القصر بطرازه المعماري العباسي، ويظهر فيه براعة استخدام المواد المحلية مثل مادة البازلت الأسود المستخرج من الجبال المجاورة. والقصر عبارة عن بناء مربع الشكل بأبعاد 26م، وفيه فناء مركز واسع محاط بجدران سميكة. ويوجد في القصر قطع فخارية مزججة باللون الأخضر والزحف والزجاج، وهو ما يدل على النشاط الحضري المتقدم فيه.
موقع قصر علياء الأثري
يقع قصر علياء جنوب شرق محافظة رابغ، وذلك على بعد 18 كم، وعلى بعد 5 كم شمال ميقات الجحفة. ويتمركز القصر على الضفة اليسرى لوادي الغائضة، وهو ما يجعله مرئياً من مسافات بعيدة.
أهمية قصر علياء الأثري
تظهر أهمية القصر بالعديد من الجوانب من أبرزها:
- يعد القصر نموذجاً فريداً للطراز المعماري العباسي، وذلك ضمن منطقة الحجاز
- القصر شاهد على أقدم طرق الحج والتجارة في منطقة الجزيرة العربية
- يعتبر القصر مصدراً غنياً للباحثين في مجال الآثار، وذلك بفضل وجود كسر الزجاج والخزف والفخار حوله
- يسلط القصر الضوء على التطور العمراني الإسلامي المبكر في الحجاز
- يظهر القصر أهمية دور المملكة في المحافظة على التراث الإسلامي
- تظهر إمكانية تحويل القصر إلى وجهة سياحية تعليمية، وذلك ضمن مشروع “درب الحج”
جهود الترميم والتوثيق في القصر
تعمل هيئة التراث السعودية على ترميم وتوثيق القصر. ويعد القصر مدرجاً ضمن اتفاقية التعاون بين هيئة التراث السعودية وجامعة إكستر البريطانية، وذلك بهدف إجراء مسح وتنقيب شامل للمواقع الأثرية السعودية على درب الحج.
كيف يمكن الاستفادة من قصر علياء؟

على الرغم من أن القصر لا يزال بحاجة إلى الترميم، إلا أن هناك العديد من الفرص للاستفادة منه، مصل:
- إدراجه في برامج التراث والتعليم لتعزيز الهوية الوطنية
- تطويره كأحد المواقع السياحية الثقافية ضمن مسار درب الحج التاريخي
- تنظيم زيارات ميدانية للطلبة والباحثين في مجال التاريخ والآثار
قرية مهيعة أو الجحفة
تقع قرية الجحفة شمال غرب مكة المكرمة، وذلك بالقرب من محافظة رابغ. وتعتبر الجحفة من أبرز المواقع التاريخية والدينية في السعودية. وكانت تسمى قرية مهيعة إلى أن اجتاحها سيل عظيم وجرف أهلها فسميت الجحفة
وقد حدد النبي محمد عليه الصلاة والسلام الجحفة كميقات لأهل الشام ومصر والمغرب للإحرام. وقد كشفت الدراسات عن مدينة إسلامية واسعة لها مباني وأسوار حجرية، ومساجد تاريخية مثل مسجد الأئمة ومسجد عزور. كما احتوت القرية على نظام مائي متقدم مكون من بركة دائرية وقنوات أرضية للري.
في ختام رحلتنا في قصر علياء الأثري ، يتضح لنا أن القصر و مرآة لحقبة يتقاطع فيها الحج، العمارة، الإدارة. وقد وقف القصر شامخاً في وجه الزمن لتعريفنا بتاريخ المكان ويكون عينا على الماضي. ويأتي هنا دورنا لإعادة تعريف التاريخ بالحفاظ على الهوية السعودية التاريخية.وإن كنت من المهتمين بالتاريخ السعودي الأثري والقصور التاريخية وتود التعرف عليها عن قرب وبشكل أوسع يمكنك الاطلاع على أكبر القصور والقلاع في المملكة من خلال زيارة مدونة بيوت السعودية التي توفر لك كل جديد.