يحتضن عبق التاريخ رحيق الحاضر المزهر في السعودية، حيث تقبع قرية علقان الأثرية بين جبال الشمال الراسخة لتكون شاهداً حقيقاً ودليلاً حياً على عراقة المملكة، إذ بيّنت هذه القرية معنى التراث والحضارة واعتبرت رمزاً للشموخ والصمود ضد العوامل الزمانية، فما هي هذه القرية؟، وأين تقع؟، وما أبرز مميزاتها؟، سنجيب عن جميع هذه الأسئلة في مقالنا اليوم في جولة بين أزقتها وآثارها العتيقة، تابعوا معنا.
نبذة عن قرية علقان
قرية علقان هي أنشودة لحّنها التاريخ العريق شمال المملكة ومعزوفة لحّنها الشتاء البارد عندما ترتدي ثوبها الأبيض، إذ مرّت على هذه القرية العديد من الحضارات السابقة التي كانت ولا زالت رمزاً للأصالة السعودية، كما تضم كوكبة واسعة من الآثار المكونة من المنازل ذات الفنون المعمارية الفريدة وأدوات الحياة اليومية سابقاً، فضلاً عن مناخها المعتدل صيفاً وثلوجها الغزيرة شتاءً، مما أكسبها اسم “مدينة الثلج”.

كما تشكّل هذه القرية موقعاً سياحياً مهماً ومحط أنظار لسكان المنطقة على مدار العام، وقد أولت هيئة التراث في السعودية اهتماماً بالغاً بها، حيث أُجريت العديد من عمليات المسح التي أسفرت عن استكشاف كوكبة واسعة من الآثار التي تؤكد مكانتها التاريخية المهمة، علاوةً على تضاريسها المتنوعة التي تجمع بين الجبال والوديان، جميع هذه المقومات جعلت منها موقعاً سياحياً بامتياز يجذب الزوار من تبوك خاصةً ومن السعودية بشكل عام.
موقع قرية علقان التراثية
تمتلك قرية علقان موقعاً استراتيجياً في شمال المملكة، إذ تقع ضمن حدود محافظة حقل وتبعد عن تبوك بمسافة 170 كم تقريباً، فضلاً عن مجاورتها ثلّة واسعة من المواقع السياحية الأخرى الاستثنائية مثل جبل الخرامة والحقاب، بالإضافة إلى وادي المحاش وعزبة المكاسير، وتمتلك أيضاً موقعاً استراتيجياً ذو مناخ معتدل وبارد شتاءً يصاحبه تساقط الثلوج.
الآثار في قرية علقان
لعل أبرز ما تفرّدت به هذه القرية هو الآثار العريقة المختبئة بين كثبانها الرملية وجدران أبنيتها الضاربة في جذور التاريخ، إذ تم اكتشاف كوكبة واسعة من النقوش القديمة التي تعود للحضارة للعصور الثمودية، وكما ذكرنا سابقاً، أجرت هيئة التراث في السعودية عمليات مسح لاستكشاف المزيد من الآثار إيماناً بالثراء التاريخي التي تمتلكه القرية وأهمية الخط الثمودي ودوره في حفظ الخط العربي.
البناء في قرية علقان
تكتحل أعين المعمار في قرية علقان بالطراز السعودي التهامي العريق، إذ شُيّدت المنازل من الطين والحجارة المحلية بطريقة غير منتظمة، إضافةً إلى تطعيمها مع جذوع النخيل والسعف كسقف وهيكل دعم، فضلاً عن توزيع الأبنية وفنائها الخارجي بطريقة تلائم الأجواء وتضاريس المنطقة.

وقد تأثرت أيضاً مساحات الغرف التي تعكس احتياجات سكان البادية في ذلك الوقت، وقد تم ذلك نتيجة مراعاة المناخ الصعب والبرد القارس في فصل الشتاء، كما تم إدراج فتحات التصريف للتحكم بالماء والحرارة بطريقة ذكية.
أهمية قرية علقان التاريخية والتراثية
تعتبر هذه القرية كتاباً تاريخياً مفتوح يحوي بين طياته ثلّة كبيرة من الأهميات التاريخية والتراثية، ومن أبرزها:
- تقع علقان على أحد المسارات القديمة في شمال الجزيرة العربية، مما جعلها مركزًا مهمًا للتوقف للقوافل التجارية العابرة بين الشام والحجاز.
- تُعد من أولى القرى التي أُنشئت فيها مساكن حكومية وبيوت لموظفي الدولة السعودية في الثلاثينيات الميلادية 1930م.
- تحافظ القرية على صورة حية للحياة الريفية السعودية في منتصف القرن العشرين، وتشكل متحفاً مفتوحاً للزائرين والباحثين في العمارة الشعبية والعادات القديمة.
- تندرج قرية علقان ضمن المواقع المستهدفة بالتنمية السياحية المستدامة، لاحتوائها على إرث بصري وتاريخي جاذب للمستكشفين والمهتمين بالتراث الطبيعي والبشري.
- تعتبر دليلاً حياً على سلسلة تطور الحياة في المملكة من البادية وحتى المدن الحضرية الكبيرة.
قدمت مدونة بيوت السعودية هذه المعلومات من منطلق الأهميات التي ذكرناها سابقاً، في الختام، قرية علقان ليست مجرد ليس مجرد موقع نائي في شمال غرب المملكة، بل ذاكرة حية وتاريخ ينبض بالكتابة العربية وعمق الاستيطان، بالإضافة إلى حكمة المعمار، إذ أن وجودها في خريطة التراث السعودي اليوم هو استحقاق لماضيها ونافذة مطلة على التاريخ.