على بعد 170 كيلومترًا شمال غرب الرياض، تقع قرية أشيقر التراثية وسط سهل الوشم في نجد، حيث يروي كل ركن فيها قصة من الماضي. بمبانيها الطينية القديمة، وأسواقها التقليدية، ومساجدها العريقة، وأزقتها الضيقة التي تتشابك بين البيوت. إذ تحافظ هذه القرية على طابعها الأصيل، حيث لم تخترقها الشوارع الحديثة لتصبح خالية من السيارات، ولتعكس روح التاريخ والحضارة النجدية. فما سر جاذبية أشيقر؟ وكيف استطاعت أن تحافظ على طابعها التراثي وسط تغيرات العصر الحديث؟
نبذة عن قرية أشيقر التراثية
تقع القرية بالقرب من مدينة أشيقر الحديثة وهي من أقدم القرى في منطقة نجد، حيث يعود تاريخها إلى أكثر من 1500عام. فضلاً عن ذلك، تحيط بهذه القرية الطبيعة الصحراوية، الجبال، ومزارع النخيل. كما يعد جبل ضلع الجنينة من أبرز معالمها، إذ يُقال إن اسم أشيقر، مشتق من اسم هذا الجبل، الذي كان يُعرف قديمًا بجبل الأشقر. وفيما بعد حوّله الأهالي إلى متنزه ترفيهي يضم استراحات، حدائق، صالة احتفالات، وأماكن جلوس تطل على القرية التراثية القديمة، مما جعله وجهة للزوار الباحثين عن الاسترخاء وسط أجواء طبيعية ساحرة.
أهمية القرية تاريخياً

- محطة رئيسية للقوافل المتجهة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
- مركزًا علميًا ودينيًا، حيث خرج منها علماء بارزون مثل الشيخ سليمان بن علي، جدّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
- مركزًا تجاريًا وزراعيًا مهمًا في منطقة الوشم.
مكونات بلدة أشيقر التراثية
- تبلغ مساحة البلدة حوالي 4 كيلو متراً مربعاً، وتضم العديد من البيوت والمساجد، إلى جانب مزارع النخيل والبساتين.
- 400 منزل طيني بنيت بجدران سميكة من اللبن الطيني لحمايتها من حرارة الصيف.
- 25 مسجدًا قديمًا من بينها المسجد الجامع، ومسجد الفيلقية، ومسجد الشيخ سليمان بن علي.
- أزقة ضيقة ومتعرجة مصممة لتوفير الظل والتخفيف من حرارة الشمس.
- أسوار ضخمة وأبراج مراقبة كانت تستخدم لحماية القرية من الغزوات.
- مزارع وواحات تحيط بالقرية، تزخر بالنخيل والأشجار المثمرة.
التصميم المعماري والتراثي في بلدة أشيقر التراثية
تعكس مباني أشيقر الطراز النجدي الأصيل، حيث بنيت المنازل والمساجد والأسوار باستخدام الطين اللبن، فيما استُخدمت الأخشاب المحلية مثل الأثل والنخيل في الأسقف والنوافذ والأبواب.
أبرز معالم بلدة أشيقر التراثية

- المسجد الجامع: يُعتبر من أقدم المساجد في المنطقة، ويتميز ببنائه الطيني التقليدي وسقفه الخشبي.
- مسجد الفيلقية: أحد المساجد التي خضعت للترميم للحفاظ على طابعها التاريخي.
- مسجد الشيخ سليمان بن علي: يُعد من المعالم الدينية البارزة في القرية، وقد شهد دروسًا علمية منذ القدم.
- متحف السالم: يضم مجموعة قيمة من القطع الأثرية، مثل الأواني الفخارية، والأدوات الزراعية، والملابس التقليدية، والمخطوطات القديمة.
- المنازل الطينية: يمكن للزوار دخول بعض البيوت الأثرية المرممة، مثل بيت الشيخ عبدالرحمن السعدي، الذي يعكس طبيعة الحياة اليومية قديماً.
- المزارع والواحات: تحيط بالقرية مزارع النخيل والبساتين التي كانت تشكل مصدرًا رئيسيًا للغذاء والمياه للسكان، وتُعد هذه المناطق مثالية للتنزه والاستمتاع بجمال الطبيعة.
جهود ترميم بلدة أشيقر التراثية
بدأت أعمال الترميم في عام 2003، حيث قام الأهالي والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بإعادة تأهيل القرية لجعلها وجهة سياحية بارزة. وقد شمل المشروع:
إعادة بناء البيوت الطينية القديمة
- استخدام المواد الأصلية مثل الطين واللبن في إعادة البناء.
- الحفاظ على التصاميم التقليدية بما في ذلك الأفنية الداخلية والمجالس المفتوحة.
- تقوية الجدران والأسقف باستخدام أخشاب الأثل وجذوع النخيل كما كان في الماضي.
- إعادة زخرفة الأبواب والنوافذ بالنقوش النجدية التقليدية.
- توثيق مراحل البناء للحفاظ على الأساليب التراثية للأجيال القادمة.
ترميم المساجد والأسوار والأبراج التاريخية في قرية أشيقر التراثية
- إعادة تأهيل المساجد القديمة مع الحفاظ على مخططاتها وتصاميمها الأصلية.
- استخدام الطين والجص المحلي لترميم الجدران المتآكلة واستبدال الأجزاء التالفة.
- تقوية الأسوار القديمة وإعادة بناء الأجزاء المنهارة لحمايتها من عوامل التعرية.
- ترميم أبراج المراقبة لتبقى رمزًا لتاريخ البلدة الدفاعي.
- إضافة إنارة خافتة لتعزيز جمالية المعالم التراثية في الليل دون الإضرار بالمظهر الأثري.
إنشاء مرافق سياحية حديثة مثل المطاعم والمقاهي ودور الضيافة لخدمة الزوار

- افتتاح مطاعم تقدم المأكولات الشعبية النجدية مثل الجريش والقرصان والكبسة.
- تصميم المقاهي بأسلوب تراثي مع تقديم القهوة العربية والتمر لضيوف البلدة.
- تجهيز دور الضيافة بديكورات تقليدية لمنح الزائر تجربة العيش في بيئة تراثية أصيلة.
- توفير أماكن للراحة والاسترخاء داخل البلدة تناسب العائلات والزوار من مختلف الفئات.
- تنظيم جلسات تراثية تقدم عروضًا ثقافية وحكايات تاريخية عن أشيقر.
ختامًا، تعد قرية أشيقر التراثية نموذجًا فريدًا يجسد الإرث النجدي الأصيل، حيث تمتزج فيها الأصالة بالتاريخ والتراث المعماري المميز. وبفضل جهود الترميم والتطوير، أصبحت وجهة سياحية بارزة تعكس جمال العمارة النجدية وتحافظ على هويتها العمرانية. إذا كنت ترغب بالاطلاع على مواضيع مشابهة ننصحك بقراءة؛ قرية العكاس .. جوهرة تراثية في قلب عسير، كما يمكنك التعرف على قرية الظفير الأثرية. أما في حال حاجتك الى قراءة المزيد ستجد العديد من المقالات المنوعة والمفيدة في مدونة بيوت السعودية، حيث يمكنك ايضاً متابعتنا على وسائل التواصل الاجتماعي المتواجدة في أسفل الصفحة للبقاء معنا والاطلاع على كل ما هو جديد.