سور الرياض القديم هو أحد الشواهد التاريخية المهمة التي تحكي قصة نشأة وتطور العاصمة السعودية، الرياض، منذ بدايات القرن العشرين. بُني هذا السور لحماية المدينة من الغارات والاعتداءات، ولعب دورًا استراتيجيًا في حفظ أمن سكانها واستقرارها. يُعد السور رمزًا للهوية العمرانية والتاريخية للمنطقة، حيث ضم بين جنباته بوابات وحصونًا وأبراجًا دفاعية تُجسد عبقرية البناء التقليدي في الجزيرة العربية. وفي هذا المقال، نسلط الضوء على وصف السور، بواباته، محاولات إعادة بنائه، وأهميته التاريخية والثقافية في ذاكرة الوطن.
حول تاريخ سور الرياض القديم

يُعد سور الرياض من أبرز المعالم التاريخية التي تحمل في طياتها قصة تأسيس العاصمة السعودية وتطورها عبر الزمن. بُني هذا السور في عام 1319هـ/1902م على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بعد استعادة الرياض، ليكون حصنًا يحمي المدينة من الاعتداءات والغارات. ومع مرور الوقت، ومع التوسع العمراني، تم إزالة السور تدريجيًا، إلا أن الجهود المبذولة لإعادة إحيائه قد أسهمت في الحفاظ على جزء من هويته التاريخية والثقافية.
وفي هذا النطاق، اكتشف كل ما يهمك حول مشروع تطوير منطقة قصر الحكم في الرياض.
وصف سور الرياض القديم
كان سور الرياض عبارة عن جدار مرتفع مبني من اللبن والطين المخمر، مما أكسبه متانة وقوة. وقد صف المستشرق جون فيلبي الرياض عند زيارته لها في عام 1335هـ/1917م بأنها كانت محاطة بسور سميك من الطوب والطين المجفف، يبلغ ارتفاعه حوالي 25 قدمًا، تعترضه حصون وأبراج حراسة دائرية في غالبيتها، تميل قليلًا عند القمة، ويتراوح ارتفاعها بين 30 و40 قدمًا، وتبرز عمومًا خارج خط السور لتسهيل الدفاع عن المدينة. وكان للسور عدة بوابات رئيسية تُعرف بالدراويز، بالإضافة إلى بوابات صغيرة مخصصة للراجلين تُسمى النقب.
بوابات سور الرياض القديم
توزعت بوابات سور الرياض على جوانبه المختلفة، وشُيّدت لتكون منافذ رئيسية لتنظيم الدخول والخروج من المدينة. كانت تُفتح يوميًا بعد صلاة الفجر وتُغلق عقب صلاة العشاء، ولا يُسمح بفتحها ليلاً إلا بإذن خاص لمندوب الملك أو أحد القادة. وكان للراجلين مدخل صغير ضمن الباب يُستخدم لعبور الأفراد. ومن أبرز هذه البوابات:

- بوابة الثميري: تقع شرق المدينة، وكانت تُعرف أيضًا باسم “باب المروة” و”بوابة الأحساء”.
- دخنة: تقع في الجهة الجنوبية من مدينة الرياض، وقد اكتسبت اسمها من حي “حلة دخنة” القريب منها، والذي سُمي بدوره نسبة إلى بئر دخنة الشهيرة، التي كانت تُعد مصدرًا رئيسيًا لمياه الشرب في تلك المنطقة.
- عرعير أو منفوحة: تقع في جنوب المدينة، وهي بوابة صغيرة سُميت “نقبة”، خصصت لدخول الراجلين وخروجهم
- المريقب أو الشميسي: تقع في الجنوب الغربي من المدينة.
- البديعة أو المذبح: تقع في الجهة الغربية من المدينة، سُميت بهذا الاسم لأن الجزارين كانوا ينقلون ذبائحهم بعد ذبحها إلى داخل البلدة عبر هذا الباب.
- آل سويلم: تقع في الجهة الشمالية، وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى أسرة آل سويلم.
- الظهيرة أو الشمسية: تقع في الجهة الشمالية من المدينة، وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى الحي الملاصق لها.
الجهود المبذولة في الحفاظ على السور
شهد سور الرياض تحولات كبيرة عبر الزمن، فبعد أن كان رمزًا للحماية والمعمار التقليدي في قلب العاصمة، اندثر مع التوسع الحضري الحديث. ومع ذلك، لم تُغفل الجهات المعنية قيمته التاريخية والمعمارية، إذ بُذلت جهود واضحة لإحياء هذا المعلم التراثي وإعادة إدراجه ضمن ذاكرة المدينة الحية. وفيما يلي عرضٌ لأبرز هذه الجهود التي تُبرز الحرص على استعادة هوية الرياض القديمة.
إعادة بناء سور الرياض القديم
مع الطفرة العمرانية التي شهدتها الرياض في منتصف القرن العشرين، تم هدم سور الرياض بالكامل لتمهيد الطرق وتوسيع المدينة. لكن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أدركت الأهمية الرمزية والمعمارية لهذا السور، فأطلقت مشروعًا لإعادة بنائه جزئيًا في المنطقة الشرقية من مجمع سويقة التجاري، مستندة إلى تخطيط دقيق واستشارات تاريخية وهندسية. وفي الأماكن التي تعذر فيها بناء السور فعليًا، تم تحديد مساره عبر أحجار بألوان مميزة تختلف عن لون الطريق، لتوضيح الامتداد التاريخي للسور دون أن يؤثر ذلك على البنية التحتية الحالية للمدينة.

ما المواد التي استُخدمت في البناء؟
تمت إعادة بناء بعض بوابات السور القديمة مثل بوابة الثميري وبوابة دخنة، إلى جانب برج الديرة، باستخدام نفس المواد التقليدية التي استخدمت في البناء الأصلي، مثل اللبن (الطين المخمر)، الحجر الطبيعي والطين المدعّم بالتبن وقد أُجريت هذه الأعمال وفق دراسات تاريخية ومعمارية دقيقة، اعتمدت على وثائق وصور أرشيفية من داخل المملكة وخارجها، بهدف ضمان الالتزام بالشكل والطابع المعماري الأصلي للسور.
ما أهمية الحفاظ على السور في العصر الحالي؟
يمثل الحفاظ على سور الرياض القديم ربطًا حيًا بين ماضي المدينة وحاضرها. فإعادة بناء هذا السور لا تهدف فقط إلى إحياء معلم أثري، بل تعزز كذلك من الهوية الثقافية والعمرانية للرياض، وتُسهم في:
- توعية الأجيال الجديدة بتاريخ العاصمة العريق
- إبراز الطابع المحلي الأصيل في ظل التوسع الحديث
- تنشيط السياحة الثقافية من خلال إبراز معالم تراثية وسط المدينة
وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا حول سور الرياض القديم ، حيث تناولنا في هذا المقال وصف السور وتاريخه وبواباته الرئيسة، والجهود المبذولة في إعادة بنائه والمحافظة عليه. استعرضنا كيف شكّل السور معلمًا بارزًا في قلب العاصمة، يعكس ملامح العمارة النجدية القديمة، ودوره الحيوي في حماية المدينة وتنظيم حركتها.
للاطلاع على مزيد من المقالات المفيدة التي تقع ضمن هذا الإطار وغيره من المواضيع الشيقة ننصحك بزيارة مدونة بيوت السعودية لتجد فيها كل ما يثير اهتمامك. على سبيل المثال يمكنك الاطلاع على مقال قصر المصمك وأهميته التاريخية والحضارية في الرياض.