اشتهرت مؤخراً صناعة المنسوجات في السعودية ولاقت اهتماماً واسعاً، إلا أنها من الفنون الأصيلة والعريقة، ولابد أننا قد فكرنا في الكثير من الأسئلة مثل من أين يصنع السدو؟ ، هل السدو سعودي؟ ، وما هي مميزاته واستخداماته؟، سنجيب في مقالنا اليوم عن حياكة السدو باعتباره أحد الفنون التي تنبض بالتراث والثقافة الحية، تابعوا معنا أبرز التفاصيل في رحلة بين كثبان الصحراء ورمالها الذهبية.
نبذة عن حياكة السدو
نظراً لانغماس العرب سابقاً في حياة البادية وسط الصحراء واعتمادهم على المواشي خاصةً في حياتهم اليومية، ظهر لنا فن عريق استمر للعديد من القرون، حيث استنبطت حياكة السدو من المواد الأولية المستخرجة من جلود وصوف الغنم و الماعز ووبر الإبل، إذ حاك العرب القدماء في السعودية هذه المكونات لصنع أدواتٍ متعددة الاستخدامات خلال حياتهم والظروف الصحراوية الصعبة.

ونظراً لافتخار المملكة في هذا الفن الأصيل، قامت بتسجيله ضمن قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي الثقافي غير المادي عام 2020م، مما أبرز اسمه في الفنون التراثية العالمية، فضلاً عن اعتباره عاملاً أساسياً اعتمد عليه الأسلاف والأجداد واتسع استخدامه في ثلّة هائلة من المنتجات التي شكلت جزءً من الهوية السعودية في التاريخ، إلى جانب اعتباره رمزاً يعبر عن الدور النسائي المهم قديماً لكون النساء هم من احترفوا هذه المهنة.
ما هو نسيج السدو؟
من الناحية العملية، تعتبر حياكة السدو من الحرف التي اعتمدت في أساسها على صوف الأغنام وشعر الماعز، بالإضافة إلى وبر الإبل كما ذكرنا سابقاً، حيث تقوم هذه الأيدي الماهرة بتشكيل نسيج يُستخدم في العديد من الأغراض اليومية في حياة البادية قديماً، كما تمر هذه العملية بعدة مراحل للوصول إلى هذا النسيج، بدءً من جزّ المواشي و وصولاً إلى نسجه على النول وهي العصا أو الأداء للحياكة، كما يتم في هذه المرحلة تحديد المبتغى من النسيج في الكثير من الاستعمالات التي نناقشها الآن.
هل السدو سعودي؟
تعتبر حياكة السدو من الفنون التقليدية الأصيلة والضاربة في جذور شبه الجزيرة العربية، حيث امتد استخدامه لمئات السنين منذ القرون الماضية، بالإضافة إلى التداول الشائع بين القبائل البدوية التي سكنت هذه المناطق، أما من الناحية الرسمية، استطاعت السعودية كما ذكرنا سابقاً بتسجيله ضمن قائمة اليونسكو، مما يثبت أصالة هذا الفن واعتباره بمثابة القلب النابض للتراث، بالإضافة إلى اهتمام المملكة البليغ في هذا التراث ومثال عليه هو إطلاق مبادرة مجتمع ورث.
استخدامات السدو
للسدو كوكبة واسعة من الاستخدامات المتجلية في جوانب الحياة اليومية للبدو، حيث يضفي على كل قطعة رونقاً وجمالاً يعكس أصالة الصحراء وارتباطها الوثيق في الهوية العربية الأصيلة، فقد استثمر البدو هذا الفن في الناحية العملية ضمن صناعة الخيام التي تقيهم قسوة الحر والبرد، كما أبدعوا بإدراجه ضمن تصميم الأغطية التي تقيهم برد الصحراء، أما بالنسبة إلى القنية، تم استخدامه لتزيين المجالس بالوسائد والمفارش، بالإضافة إلى تزيين الملابس البدوية به.
مميزات السدو

حياكة السدو ليس مجرد حرفة يدوية تقليدية تعبر عن الثقافة والتراث الحي في السعودية، بل هو فن يعكس الحرفية العالية والاعتمادية المتينة في وجه العوامل المكانية والزمانية، بحيث اختصت هذه الحرة بالعديد من المميزات التي جعلت منه نجماً لامعاً في سماء الحرف اليدوية القديمة، ومن هذه المميزات هي:
- السدو من المواد المتينة للغاية، حيث يُصنع عادة من خيوط الصوف أو الشعر، مما يمنحه قوة وصلابة تجعله مناسباً لتحمل قسوة الصحراء وظروفها الصعبة.
- يحمل خاصية المرونة الكبيرة، حيث يمكن استخدامه في العديد من المجالات العملية والجمالية على حد سواء.
- يمكن تشكل السدو بأنماط فريدة من النقوش والتصاميم التي تختلف من منطقة لأخرى، حيث يستخدم الحرفيون ألواناً طبيعية تعكس البيئة الصحراوية المحيطة.
- استخدامه كعازل عن الحرارة والبرودة، مما يجعله حجراً كريماً يكمل تاج الصحراء والحياة البدوية.
- يعد تعبير ثقافي عن هوية الأمة وليس مجرد منتج مادي فحسب، حيث تحمل النقوش والتصاميم المستخدمة في السدو تقاليد البيئة البدوية وطبيعة الحياة في تلك المنطقة.
صناعة المنسوجات في السعودية
تتشارك العديد من المنسوجات الأخرى مع حياكة السدو في السعودية، حيث أبدع الأجداد والأسلاف في الحياكة باعتبارها جزءً لا يتجزأ من الحياة والمغامرات بين كثبان الصحراء وأشعة الشمس الحارة، إذ برز منسوجات أخرى إلى جانب السدو مثل البرود والخوص، بالإضافة إلى الدماس، وقد انتشر استخدامها في شبه الجزيرة العربية قاطبةً لتحكي قصة شعوبٍ تمسكوا بالحياة في هذه الظروف الصعبة.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا في مدونة بيوت السعودية عن حياكة السدو الذي لامس قلوب محبي التراث منذ القدم، مما يضفي له مكانة استثنائية في فعالية اليوم العالمي للتراث التي أسستها السعودية احتفاءًَ بالعظمة التي تحتويها هذه الأمة الأصيلة.