تُبرز السعودية شموخاً عالياً في مواقعها التاريخية والأثرية الغنية التي تعود إلى آلاف السنين والبشر الأوائل، حيث تضم كوكبة شاسعة من المواقع التي تستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم وجعلت منها رمزاً حقيقياً للتراث العالمي واسماً بارزاً في خريطة السياحة العالمية، إذ نتكلم اليوم عن أحد أفضل الأماكن السياحية وأكثرها غرابةً وهو جبل عكمة الثري بالبيئة المميزة والآثار الاستثنائية المرتبطة بجذور هذه الأرض منذ القدم، تابعوا معنا أبرز التفاصيل.
نبذة عن جبل عكمة
هو أحد جبال محافظة العلا الشهيرة بجبالها الشاهقة ومواقعها السياحية البارزة، إذ يتمتع هذا الجبل بمزايا عديدة تجعل منه وجهة سياحية متكاملة من التاريخ والطبيعة، وما يعرض هذا الجبل من سحرٍ طبيعيٍ خلّاب يجعل من زيارته رحلة لا تنسى، إذ تجتمع فيه عدة ميزات تفرّد بها عن غيره من المواقع الأخرى في السياحية بل وفي العالم أيضاً.
حيث يعتبر هذا الجبل من أكثر الأماكن المتنوعة في تكوينها الجغرافي والجيولوجي الفريدة من نوعها في الألوان والأشكال، علاوةً على كونه من أقدم المكاتب المفتوحة التي تضم نقوشاً عريقة تعود لآلاف السنين وتحكي لنا عن الحضارات التي سكنته، إذ نجد هذه النقوش والآثار في كل حدبٍ وصوب، إذ تم إحصاء أعدادها حتى تبين أنها تزيد عن 300 نقش حجري و 500 كتابة ومنحوتة.

كل زاوية من زوايا جبل عكمة تحكي قصة وكل نقش على صوره يحمل رسالة من الماضي، ما يجعله ليس مجرد جبل، بل مرآة تعكس روح الزمن والحضارات التي قطنت هذه المنطقة سابقاً، فهو شاهد حي على ما مرت به هذه الأرض من تحولات وثقافات عبر العصور، ما يجعله محط اهتمام الباحثين وعشاق التاريخ والمغامرات.
موقع جبل عكمة
يقع جبل عكمة الشامخ في محافظة العلا وهو أحد جبالها الشهيرة الممتدة في المدينة المنورة، إذ يمكن الوصول إليه تحديداً من طريق العلا – حائل، مما يجعل خاصية سلاسة الوصول من أهم الميزات التي يمتلكها، كما أن موقعه الفريد بين جبال العلا يضيف إليه السحر والغموض، حيث يخيل للناظر إليه وكأن الجبل هو الرابط بين الماضي والمستقبل، يقف بين سماء مفتوحة وأرض شاهدة على حركات الزمن التي مرت فوقها في تناغمٍ لا يدركه إلا من يزور هذه البقعة من الأرض.
نقوش جبل عكمة
يُعد بمثابة ذاكرة حية لحضارات دادان ولحيان اللتان عاشتا في هذا الجبل المهيب، حيث تعتبر نقوشه أكبر ناقل وشاهد حي لما كان يدور في تلك الفترة، وكما ذكرنا سابقاً، يضم هذا الجبل الاستثنائي حوالي 300 نقش حجري يرجح أن تاريخها يعود إلى النصف الثاني من الألفية الأولى قبل الميلاد، إذ تعكس هذه النقوش وتنقل جميع الممارسات اليومية لهذه الحضارات بدءً من التعاليم والطقوس الدينية وحتى القوانين والعلوم والأدب المنتشرة في تلك الفترة.
كما تتميز هذه النقوش عن غيرها بحرفيتها العالية إلى جانب رسالتها السامية في نقل حياة الأسلاف من العصور الغابرة، إذ تعتبر هذه النقوش لغزًا تاريخيًا يدفع الباحثين والمتخصصين للتنقيب في معانيها وأصولها، مما يجعلها أيضاً من المواقع الغير مستكشفة بالكامل حتى يومنا هذا وتبهرنا في أسرارها الدفينة بين كهوفها وثنايا صخورها.
آثار جبل عكمة

الآثار في جبل عكمة تتحدث عن تفاعلات الإنسان مع بيئته المحيطة به والتي تمت بكل براعة واحترافية مقارنةً في أيامنا الحالية، حيث تحكي هذه الآثار عن استغلال الموارد الطبيعية وكيفية الاستقرار بهذا المكان، إضافةً إلى كيفية الحفاظ على العادات والتقاليد المنبثقة من تلك الأوقات، كما تتناغم هذه الآثار مع التضاريس لتروي ماضٍ طاعناً في السن وضارباً في القِدَم وتحدياً لقسوة الحياة الصحراوية.
كما ذكرنا سابقاً، يحتوي وادي عكمة على كوكبة كبيرة من الآثار، حيث تتكون من النقوش والكتابات والمنحوتات الصخرية المترامية على منحدراته وقممه، فضلاً عن المغارات الصغيرة التي استغلها سكان الجبل سابقاً في حياتهم اليومية والتي تضم بعض الأدوات العتيقة.
أهمية جبل عكمة
في ظل الاهتمام البليغ من القيادة الرشيدة في تطوير القطاع السياحي وخصوصاً في العلا، برزت العديد من المشاريع التي ترمي إلى المحافظة على هذه المواقع العريقة، حيث تم اشتماله في مخطط رحلة عبر الزمن نظراً لأهميته البليغة وليكون رائداً في إنجاح عملية تطوير القطاع السياحي في المملكة، كما تتلخص هذه الأهميات في كونه شاهداً تاريخياً على العديد من الحضارات التي أُقيمت سابقاً وذو موقع جغرافي استثنائي يتيح له إمكانية التواصل بين عدة مناطق في السعودية.
وفي ختام مقالنا عن جبل عكمة العريق، نود التنويه على أن السعودية حاضنة ومجمع تاريخي زاخر في التراث العربي الأصيل، حيث يمكن لكم استكشاف العديد من هذه الأماكن في رحلة استثنائية داخل مدونة بيوت السعودية التي تنقلكم إلى أدق التفاصيل في المملكة، ومن هذه الأماكن الغنية بالثقافة والتاريخ المهيب هي مدائن صالح التي أصبحت مؤخراً من أهم مناطق السياحة العالمية بعد الاهتمام الكبير والعمل الدؤوب في جعلها رمزاً يحتذى به أمام الأمم الأخرى من قِبَل القيادة الرشيدة.