في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا وتتشابك فيه الفنون مع العوالم الرقمية، تظهر مبادرات تحمل رؤية مختلفة وتطرح سؤالًا مهمًا: كيف يمكن للصورة المتحركة أن تصبح لغة جديدة لسرد القصص؟ وكيف يمكن لمدينة تاريخية مثل الدرعية أن تتحول إلى مركز لتجارب فنية تُعيد تعريف العلاقة بين الفنان، المتلقي والتقنيات الحديثة؟ هنا يبدأ برنامج الصورة المتحركة في مركز الدرعية لفنون المستقبل، مبادرة تُجسّد هذا التحول وتضع المملكة على مسار جديد من الابتكار الثقافي.
ما هو برنامج الصورة المتحركة في مركز الدرعية؟
هو سلسلة شهرية يقدمها مركز الدرعية لفنون المستقبل، تتناول فنون الوسائط المتقدمة والفنون الرقمية بطريقة تسمح للمشاركين باكتشاف طرق جديدة للسرد البصري والتجريب الإبداعي. لا يقتصر البرنامج على عروض فنية ثابتة، بل يفتح مساحة للنقاش والحوار ومحاولة فهم هذا العالم المتطور من منظور فني وثقافي.
الفكرة الأساسية للبرنامج تقوم على أن الصورة اليوم لم تعد مجرد لقطة ثابتة؛ بل أصبحت تجربة كاملة تعيش بين الواقع والخيال، تمس المتلقي عبر الحواس والتفاعل المباشر. وبذلك، يتحول العمل الفني إلى تجربة تُشارك في تشكيلها التقنية مثل الواقع الممتد، المؤثرات الرقمية، والصوت.
مركز الدرعية لفنون المستقبل

قد يبدو من المفارقات الجميلة أن الدرعية التاريخية، التي شهدت بدايات الدولة السعودية، أصبحت اليوم موطنًا لأول مركز متخصص في فنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. المركز لا يكتفي بعرض أعمال فنية حديثة، بل يبني بيئة ثقافية متكاملة تجمع:
- فنانين محليين وعالميين
- تقنيين ومهندسين
- باحثين وممارسين في مجالات التفاعل البصري
كل ذلك تحت سقف واحد، حيث تتحول التقنية إلى أدوات نقد وتأمل واستكشاف للمستقبل. ويتماشى هذا النهج مع رؤية 2030 التي تدفع نحو اقتصاد إبداعي وتنافسية ثقافية عالمية.
موعد إطلاق برنامج الصورة المتحركة
أُطلق البرنامج اعتبارًا من 18 نوفمبر 2025 في مقر المركز بالدرعية، ليبدأ أولى جلساته ضمن سلسلة متتابعة تُقام شهريًا. كل شهر يحمل موضوعًا، تجربة، وأسئلة جديدة لجمهور مختلف، مما يوفر رحلة فنية مستمرة تتطور مع الوقت.
ماذا يقدم برنامج الصورة المتحركة لزواره؟

عروض أفلام تتناول رؤى فنية جديدة
يقدّم البرنامج عروضًا سينمائية متخصصة تسلط الضوء على التطور المتسارع لفنون الصورة المتحركة، وكيف تحولت من مجرد مشهد إلى لغة كاملة للتعبير والتوثيق. تشكل هذه العروض تجربة غنية تمكّن الزوار من مراقبة التحولات البصرية التي تعيد صياغة علاقة الفن بالإنسان.
ندوات حوارية مع فنانين وممارسين
يتضمن البرنامج جلسات نقاشية تفاعلية تجمع فنانين، خبراء ودارسين في مجال الوسائط الجديدة، لمناقشة القضايا المتعلقة بالفن والتقنية وكيف تؤثر هذه الشراكة في الجمهور والممارسة الفنية. هنا لا يكون الجمهور مجرد مشاهد، بل جزء من الحوار وصناعة الأفكار.
تجارب تفاعلية غامرة داخل مختبر XR
داخل مختبر الواقع الممتد (XR Lab)، يعيش الزائر تجربة حقيقية تتداخل فيها الحواس مع الصور والأصوات، ليصبح جزءًا من العمل الفني. هذه التجارب تكشف كيف يمكن للعالم الافتراضي أن يخلق سرديات جديدة تمتد خارج إطار الشاشة، وتفتح آفاقًا غير مسبوقة للتفاعل البشري.
ورش عمل احترافية لصقل المهارات
يحتضن البرنامج ورشًا تعليمية متقدمة تقدم تدريبًا عمليًا على أدوات وتقنيات مثل “Unity” و”Oculus”، وتساعد المشاركين على تطوير مشاريعهم الإبداعية باستخدام أحدث التقنيات الرقمية، مما يخلق جيلًا جديدًا من الفنانين القادرين على إنتاج تجارب بصرية مستقبلية.
أهمية برنامج الصورة المتحركة
تكمن أهمية البرنامج في قدرته على إعادة تعريف العلاقة بين الفنان والتقنية، عبر:
- تعميق فهم التحولات السردية في الفن المعاصر
- تمكين الفنانين من أدوات جديدة لصياغة أعمال غير تقليدية
- فتح المجال لحوار نقدي يربط الفن بالعلوم والبحث
- بناء مجتمع فني واعٍ ومتصاعد في المملكة
- تقديم منصة عربية رائدة لعرض التجارب الحديثة بدل استيرادها فقط
ملتقى مجتمع الواقع الافتراضي – الرياض
يعد هذا الملتقى أحد أبرز عناصر البرنامج، ويُقام دوريًا داخل مختبر الواقع الممتد في المركز. الهدف منه هو جمع المتخصصين والهواة والمهتمين لتبادل خبرات وتجارب حول:
- تطوير أعمال فنية باستخدام الواقع الافتراضي
- أحدث التطبيقات التقنية في الفنون
- استكشاف حدود الإبداع داخل بيئات لا تحدها الجغرافيا
هذا الملتقى لا يقدم محتوى فني فقط، بل يبني مجتمعًا مهنيًا قادرًا على قيادة التحول القادم في فنون الوسائط بالمملكة.
كيف يعزز البرنامج مكانة الرياض عالميًا؟
كل خطوة من هذا المشروع تضع العاصمة على خارطة المدن التي تستثمر في الصناعات الإبداعية والمعرفة الفنية. الفنون المعاصرة ليست ديكورًا حضريًا، بل محركًا ثقافيًا واقتصاديًا يجعل المدينة منصة جذب للمواهب، الصناعة والبحث.
الأسئلة الشائعة

ما هو برنامج الصورة المتحركة؟
تستكشف تقنيات السرد البصري والوسائط المتقدمة من خلال حوارات ومعارض وتجارب تفاعلية.
أين يقام البرنامج؟
في مقر مركز الدرعية لفنون المستقبل، في الدرعية التاريخية.
من يمكنه المشاركة؟
الفنانون، الباحثون، الممارسون والمهتمون بفنون الوسائط والتقنيات البصرية الحديثة.
ختاما، تجربة مثل برنامج الصورة المتحركة لا يمكن النظر إليها كفعالية ثقافية فقط؛ إنها إعلان عن مرحلة جديدة يعيشها المشهد الفني في المملكة، عنوانها الجرأة في التفكير والتفاعل مع العالم بعيون جديدة.
للمهتمين بمتابعة أحدث الفعاليات والمبادرات الثقافية في المملكة، يمكن متابعة مدونة بيوت السعودية للاستفادة من محتوى متخصص وثري يغطّي أحدث المستجدات في المشهد الفني، الثقافي والعقاري في السعودية.