تقف السعودية شامخةً في مشهدها الثقافي لتواكب التحوّلات وتسابق فيه الأمم لتقديم ثقافتها للعالم، مستندةً إلى إرثٍ حضاري غني ورؤية طموحة نحو المستقبل. ومن هنا، انطلق الصندوق الثقافي السعودي كمبادرة استراتيجية تسعى للنهوض بالثقافة كقطاعٍ اقتصادي فعّال، لا كتراثٍ فقط يُروى. سنتحدث في مقالنا هذا عن الصندوق الثقافي السعودي، أهدافه، القطاعات التي يدعمها، خدماته التمويلية والتطويرية، وأبرز المعلومات التي تهم كل مهتم بالشأن الثقافي في المملكة.
نبذة عامة عن الصندوق الثقافي السعودي

تأسس صندوق التنمية الثقافي بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم (م/45) بتاريخ 23 جمادى الأولى 1442هـ (6 يناير 2021م)، كأحد الصناديق التنموية التابعة لصندوق التنمية الوطني. ويهدف إلى دعم وتنمية القطاع الثقافي السعودي بمختلف مجالاته، عبر آليات تمويل مرنة، وشراكات استراتيجية، وخدمات غير مالية تساعد على الاستدامة والربحية. ويُعدّ الصندوق أحد الأدوات المحورية لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة ضمن رؤية المملكة 2030، عبر تمكين الأفراد والمنشآت من تحويل أفكارهم الثقافية إلى مشاريع واقعية ذات أثر اقتصادي واجتماعي.
موقع الصندوق الثقافي السعودي
يقع المقر الرئيس للصندوق الثقافي السعودي في مدينة الرياض، ويقدم خدماته على مستوى المملكة من خلال منصات رقمية متقدمة، تتيح للمستفيدين تقديم الطلبات، ومتابعة الإجراءات، والتواصل مع فرق العمل والاستشاريين.
القطاعات الثقافية المدعومة من الصندوق
يدعم الصندوق الثقافي 16 قطاعًا ثقافيًا رئيسيًا، كل قطاع يتم دعمه من خلال برامج تطويرية وتمويلية، تُمكِّن الممارسين من الابتكار والتوسع وتحقيق الأثر الثقافي والاقتصادي المنشود. كما حددتها الاستراتيجية الوطنية للثقافة، وتشمل:
- فنون العمارة والتصميم
- التراث الطبيعي
- الموسيقى
- المتاحف
- المواقع الثقافية والأثرية
- المسرح والفنون الأدائية
- الأزياء
- التراث
- الأفلام
- الكتب والنشر
- الأدب
- اللغة والترجمة
- المهرجانات والفعاليات الثقافية
- فنون الطهي
- المكتبات
- الفنون البصرية
التمويل الثقافي في الصندوق الثقافي
أطلق الصندوق الثقافي السعودي التمويل الثقافي الأول من نوعه في المملكة، لدعم المنشآت العاملة في المجال الثقافي، سواء كانت ناشئة أو قائمة. ويتميّز هذا التمويل بمرونته، وتكلفته التنافسية، وفترات سداده الميسرة. تشمل أنواع المنشآت المستهدفة ما يأتي:
- المنشآت متناهية الصغر: 1-5 موظفين، بإيرادات من 0 إلى 3 مليون ريال.
- المنشآت الصغيرة: 6-49 موظفًا، بإيرادات من 3 إلى 40 مليون ريال.
- المنشآت المتوسطة: 50-249 موظفًا، بإيرادات من 40 إلى 200 مليون ريال.
الخدمات التطويرية للصندوق الثقافي السعودي
يقدم الصندوق الثقافي الدعم المالي للمشاريع الثقافية، كما يمتد ليشمل مجموعة من الخدمات التطويرية غير المالية التي تُعنى ببناء القدرات، ورفع مستوى الكفاءة لدى الأفراد والمنشآت العاملة في القطاع الثقافي. تهدف هذه الخدمات إلى تأهيل وتمكين روّاد الأعمال والممارسين الثقافيين عبر 3 مبادرات رئيسية: الاستشارات، القسائم، وبناء القدرات، مما يرسّخ مفهوم التنمية المستدامة في المجال الثقافي.
خدمة الاستشارات: دعم احترافي لتنمية المشاريع

تركّز خدمة الاستشارات التي يقدمها الصندوق الثقافي السعودي على دعم رواد الأعمال والمنشآت الثقافية في مراحل النمو والتوسع، من خلال جلسات إرشادية واستشارية يشرف عليها خبراء متخصصون وذوو كفاءة عالية في مجالات الإدارة، المالية، والفنية. تهدف هذه الخدمة إلى تمكين المستفيدين من:
- رفع الكفاءة الإدارية من خلال تقديم حلول للتحديات التشغيلية والإدارية اليومية.
- تحسين الأداء المالي عبر تقديم استشارات مالية تساعد على ضبط النفقات وتحقيق الاستدامة.
- التطوير الفني بدعم المشاريع الإبداعية ثقافيًا بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية.
المؤهلون للاستفادة:
- الأفراد وروّاد الأعمال في القطاع الثقافي.
- المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تعمل ضمن أي من القطاعات الثقافية الستة عشر.
خدمة القسائم: تقليل التكاليف وتسهيل الانطلاق
توفّر خدمة القسائم دعمًا مباشرًا للمستفيدين لتغطية تكاليف التأسيس والتشغيل المبكرة، مما يُسهم في تخفيف الأعباء المالية على المنشآت الثقافية وروّاد الأعمال. وتشمل هذه القسائم:
- تحمّل تكاليف دراسات الجدوى التي تساعد في تقييم جدوى المشروع قبل تنفيذه، وضمان اتخاذ قرارات مستنيرة.
- تحمّل نفقات إعداد القوائم المالية المعتمدة التي تعزز الموثوقية والشفافية، وتُعدّ متطلبًا أساسيًا للحصول على تمويل أو شراكات.
- تغطية تكلفة استئجار مكاتب ضمن مساحات عمل مشتركة مرخصة، مما يهيّئ بيئة عمل محفّزة واحترافية بتكاليف مخفضة.
المؤهلون للاستفادة:
- الأفراد وروّاد الأعمال في المجالات الثقافية.
- المنشآت الصغيرة والمتوسطة العاملة ضمن القطاع الثقافي.
خدمة بناء القدرات: تطوير المهارات ونقل المعرفة
في إطار رؤيته لتكوين مجتمع ثقافي متفاعل ومتطور، يقدّم الصندوق الثقافي السعودي مبادرة بناء القدرات، التي تعتمد على تنظيم ورش عمل تفاعلية يقدمها متحدثون بارزون من داخل المملكة وخارجها، ذوو خبرات عميقة في القطاع الثقافي. تهدف هذه الورش إلى:
- نقل المعرفة المهنية المتخصصة في مختلف القطاعات الثقافية.
- تمكين المشاركين من تطوير مهاراتهم الشخصية والفنية.
- تعزيز التواصل بين الممارسين الثقافيين لتبادل الأفكار والخبرات، وخلق شبكات تعاون مستدامة.
أسئلة شائعة
ما هي المؤسسات الثقافية في السعودية؟
هي الجهات الرسمية والخاصة وغير الربحية العاملة في أحد القطاعات الـ16 المذكورة سابقًا، وتشمل المتاحف، دور النشر، فرق الأداء المسرحي، الجهات المنتجة للأفلام، دور الأزياء، المدارس الفنية، وغيرها.
ما هي قسائم الصندوق الثقافي؟
هي خدمة تمويلية غير مباشرة، تساعد في تخفيض تكاليف التشغيل والتأسيس للمنشآت والأفراد عبر تغطية تكلفة الخدمات الأساسية كدراسات الجدوى والمساحات المكتبية، لدعم الاستدامة والنمو.
ما هو صندوق التنمية الثقافية؟
هو كيان تنموي حكومي أُنشئ بهدف دعم وتنمية القطاع الثقافي، وتمكينه اقتصاديًا واجتماعيًا من خلال حلول تمويلية وخدمات تطويرية متنوعة، ويعمل تحت إشراف صندوق التنمية الوطني.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي تحدّثنا فيه عن الصندوق الثقافي السعودي أحد أبرز الممكنات المالية والتنموية للقطاع الثقافي في المملكة. سلطنا الضوء على أهدافه، القطاعات التي يدعمها، وخدماته التي تجمع بين التمويل والتطوير، في سبيل تمكين الثقافة كرافد حيوي ضمن رؤية 2030.
إذا كنت من رواد الأعمال أو المهتمين بالمجال الثقافي، فندعوك لاستكشاف الفرص التي يقدّمها هذا الصندوق، وللاطلاع على المزيد من الموضوعات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية مثل صندوق التنمية الصناعية السعودي، ننصحك بزيارة مدونة بيوت السعودية الشاملة.