أصبحت الملكية المشتركة للعقارات في السعودية واقعًا متزايدًا مع نمو المجتمعات السكنية الحديثة، وازدياد الاعتماد على المجمعات والشقق والفلل المتلاصقة. وتطلب هذه الصيغة من التملك فهماً واضحاً للحقوق والواجبات، وأسس التنظيم والإدارة، لتجنب النزاعات ولضمان العيش في بيئة متماسكة ومنظمة.
في هذا المقال نستعرض مفهوم الملكية المشتركة للعقارات، ونوضح مبادئها، المخاطر المرتبطة بها، وأنظمتها المختلفة في المملكة.
ما المقصود في الملكية المشتركة للعقارات في السعودية ؟
الملكية المشتركة تعني أن عدة أشخاص يملكون أجزاءً من عقار واحد، مثل الشقق في العمائر والمجمعات السكنية. وتشمل الملكية مرافق مشتركة كمصاعد، مداخل، مواقف، وحدائق، مع احتفاظ كل مالك بحق حصري في وحدته. ولا يجوز التصرف في الأجزاء المشتركة إلا ضمن اللوائح وبموافقة باقي الملاك.
في السعودية، تخضع الملكية المشتركة لنظام ينظم العلاقة بين الملاك ويضمن حقوقهم. ومن أبرز المبادرات الداعمة لذلك مشروع نظام فرز وملكية الوحدات العقارية، الذي يسعى لتسهيل التملك وضبط استخدام الأجزاء المشتركة بعدالة.
مبادئ الملكية المشتركة للعقارات في السعودية

نظام الملكية المشتركة في السعودية يقوم على مبادئ واضحة تنظم العلاقة بين الملاك وتحفظ الحقوق. من أبرز هذه المبادئ:
كيف يتم تقسيم الأجزاء المشتركة؟
الأجزاء المشتركة تشمل كل ما يخدم العقار بأكمله أو أكثر من وحدة، ولا يمكن تخصيصه لشخص واحد. من أمثلة هذه الأجزاء الأسطح، الممرات والسلالم، المصاعد، مواقف السيارات العامة، خزانات المياه، أنظمة الأمن والمراقبة، غرف الكهرباء والخدمات. كل مالك يملك حصة غير محددة في هذه الأجزاء حسب ملكيته الخاصة.
من المسؤول عن إدارة العقار المشترك؟
عادةً ما تتولى جمعية الملاك إدارة العقار المشترك، وهي كيان يُشكَّل من جميع أصحاب الوحدات في المبنى أو المجمع. تختار الجمعية لجنة تمثلها، تتولى الإشراف على الأجزاء المشتركة، وتشرف على مهام مثل الصيانة، إدارة العقود، تحصيل الرسوم، التنسيق مع الجهات الرسمية، ومعالجة المخالفات. وفي بعض الحالات، يمكن للجمعية التعاقد مع شركة إدارة متخصصة تتولى هذه المهام تحت إشراف مباشر منها.
للمزيد من التفاصيل حول آليات الإدارة والمسؤوليات المختلفة، يمكنك الرجوع إلى مقالنا: إدارة العقار في السعودية.
ما التزامات المالك تجاه العقار المشترك؟
على كل مالك الالتزام بمجموعة من القواعد، والإخلال بهذه القواعد يؤدي لمخالفات وغرامات تحددها الجمعية أو الجهات التنظيمية. ومن ضمن القواعد:
- دفع حصته من رسوم الصيانة والتشغيل
- احترام الأنظمة واللوائح الداخلية
- عدم الإضرار بالأجزاء المشتركة
- السماح بأعمال الصيانة عند الحاجة
- عدم استخدام الممتلكات المشتركة لأغراض شخصية
كيف تُحتسب الحصة في الأجزاء المشتركة؟
تُحسب الحصة بناءً على مساحة الوحدة المملوكة مقارنة بإجمالي مساحة الوحدات. فكلما كبرت مساحة الوحدة، زادت حصة صاحبها في الأجزاء المشتركة.
مثلاً، إذا كانت الوحدة تمثل 10% من إجمالي العقار، يكون لصاحبها 10% من الأجزاء المشتركة، ويُطالب بدفع النسبة نفسها من تكاليف الصيانة.
هل تصبح الممتلكات ملكية مشتركة تلقائيًا في حالة الزواج؟
الزواج لا يجعل العقار ملكية مشتركة تلقائيًا. تظل الملكية حسب السجل الرسمي (الصك العقاري). لكن إذا شارك الزوجان في الشراء دون تحديد الحصص، أو تداخلت الأموال، قد يتم اعتبار الملكية مشتركة عند النزاع، ويُفصل فيها شرعًا أو قضائيًا.
أهمية الملكية المشتركة للعقارات في السعودية
الملكية المشتركة أصبحت ضرورية في المدن الحديثة، إذ تتيح استغلال المساحات بشكل أفضل، وتوفر الخدمات بشكل جماعي بتكاليف أقل، مما يساهم في رفع جودة الحياة داخل المجمعات السكنية. كما تساعد على تنظيم العلاقة بين السكان وتعزز من نجاح مشاريع الإسكان الجماعي. هذا النوع من التملك يعكس تحولاً حضريًا نحو نمط حياة أكثر تعاونًا وتنظيمًا.
ما هي مخاطر الملكية المشتركة للعقارات في السعودية؟
رغم مزاياها العديدة، إلا أن الملكية المشتركة ليست خالية من المغامرة. وأبرز المخاطر التي قد ترتبط بها:
- نزاعات بين الملاك حول استخدام المرافق أو الالتزامات المالية
- تأخر بعض الملاك في تسديد الرسوم مما يعيق عمليات الصيانة
- ضعف الإدارة يؤدي لتدهور العقار
- صعوبة اتخاذ قرارات جماعية بسرعة
- تجاهل بعض الملاك للأنظمة يؤدي لمشاكل قانونية
ولا شك أن وجود نظام واضح وجمعية فعالة يقلل من هذه المخاطر، وهذا تحديدًا تظهر أهمية نظام العقارات المشتركة.
ما هو نظام العقارات المشتركة؟
هو إطار قانوني ينظم تملك العقارات التي تحتوي على وحدات متعددة وأجزاء مشتركة. يُحدد عبر أنظمة ولوائح صادرة عن الجهات الحكومية، أبرزها:
- نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها
- اللائحة التنفيذية لجمعيات الملاك
- نظام تنظيم اتحاد الملاك
نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها في السعودية
في هذا السياق، يبرز دور نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها، الذي أُقر في عام 1441هـ (2020م)، بوصفه الإطار القانوني لتنظيم هذا النوع من التملك. يشمل النظام تعريفات أساسية لفرز العقارات، وأحكامًا تتعلق بالملكية، وتكوين جمعيات الملاك، بالإضافة إلى تنظيم الإدارة والصيانة، وأحكام ختامية تتعلق بالنشر والنفاذ.

أهمية نظام الملكية المشتركة ؟
يحمي نظام الملكية المشتركة الحقوق ويوضح المسؤوليات بين الملاك. فغياب هذا النظام قد يحوّل العقار المشترك إلى بؤرة نزاعات لا تنتهي. تكمن أهمية النظام في حفظ حقوق الملاك قانونيًا، وتسهيل إدارة العقارات الكبيرة، وضمان جودة الخدمات والصيانة، إلى جانب تنظيم العلاقات المالية والإدارية. كما يوفر آلية واضحة لحل الخلافات عند وقوعها. ويتميز هذا النظام بالحياد، حيث لا ينحاز لأي طرف، بل يوازن بين الاستقلالية الفردية والتعاون الجماعي.
حول منصة مُلاك
برنامج مُلاك يمثل المنصة الرقمية الرسمية التي أطلقتها وزارة الإسكان في السعودية، بهدف تنظيم الملكية المشتركة وتسهيل إدارة العقارات ذات الأجزاء المشتركة. تُمكّن المنصة الملاك من إدارة ممتلكاتهم بطريقة منظمة وشفافة، وتُعد أداة أساسية لتطبيق نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها.
ما هي الخدمات التي تقدمها منصة مُلاك؟
تقدم المنصة مجموعة من الخدمات التي تدعم الملاك وتسهّل إدارة العقارات، أبرزها:
- تسجيل جمعية الملاك بشكل رسمي
- إصدار اللوائح التنظيمية الخاصة بالعقار
- توثيق الاجتماعات وتوزيع الإشعارات
- تسديد الفواتير إلكترونيًا بكل سهولة
- عرض تقارير مالية وإدارية محدثة
عبر هذه المنصة، يستطيع الملاك التواصل فيما بينهم، التصويت على القرارات، الإبلاغ عن المخالفات، والاطلاع على بيانات العقار بدقة وشفافية.
وختامًا، لقد بات واضحًا أن الملكية المشتركة للعقارات في السعودية لم تعد خيارًا جانبيًا، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من نمط الحياة الحديث. وأن فهم هذا النظام ومعرفة الحقوق والالتزامات يساعد في تجنب الخلافات وضمان بيئة سكنية مستقرة.
لمزيد من المعلومات حول العقارات والأنظمة العقارية، ندعوك لتصفح مدونة بيوت السعودية والاطلاع على مقالاتنا المتخصصة.